الأربعاء، 21 مايو 2008

ذات صباح .. و نافذة . .





يشق ضياء الشمس نافذتها الزجاجية، تفتح عينيها في كسل تتساءل في صمت ؛ من الذي أزاح الستائر ذات الورود الحمراء ..!

تضع يدها على صدرها تتلمس أوراق ناعمة و هي لاتزال تحاول أن تفتح عينيها البنيتين فتبتسم .. إنه ديوانه الوحيد الذي أهداه إليها .. تركته على صدرها أمس .. أو ربما سقط من يديها على صدرها و هي لا تذكر تحديداً لكنها تذكر أن شفتيه لامستا تلك الصفحة بشكل ما ، تضم الصفحات إلى صدرها و تبتسم ابتسامة أخرى ..تتسرب كلماته إلى دمها في هدوء ،كما تسربت ابتسامته التي لحقت بصوته الهاديء الهامس و بكلمة أحبك .. و بضحكته الرصينة ..


تلمس حواف ديوانه بأناملها و تشعر بأن شيئاً منه في هذه الصفحات ربما عطره ربما قطرات غير مرئية من دمه ، جروحه القديمة أو آلامه التي تعهدت بشفائها .. دموعه التي سالت يومها .. تتذكر يوم سافرت .. حين تمنت أن تموت قبل أن تتركه وحده ، ما أصعب السفر حين تغادر الوطن و تنظر من نوافذ الطائرة الضيقة ترى المسافات تتباعد بينك و بين قلبك و تظل تنظر إلى قلبك إلى أن تختفي الأرض من تحتك و تحل السماوات مكانها و لكنك تعلم أنك تركته وحده هناك ..و لم يكن الوطن إلا هو بالأساس ..!


تذكر أنه أمسك يديها و رسم الأحلام بقلمه و صار يعلمها كيف تحلم كيف تكتب و كيف تغمض عينيها عليه ، و كيف تطبق بشفتيها على أختامه حتى لا تضيع .. و كيف ان كلماته مكتوبة على أجفانها .. و بصمات أصابعه على وجنتيها و شفتيها و جسدها .. و بذلك حرمها على غيره و وقع اسمه في آخر روحها فصارت له .


حكى لها عن قصيدة البحيرة كيف كتبها ألفونس دي لا مارتين و كيف ان روح حبيبته في تلك القصيدة و كيف أن تلك البحيرة "بحيرة البورجيه" كانت مكان لذكرى قصة حب منعها مرض الحبيبة المحاصرة من الاكتمال ، حلمت هي أيضاً بأن يكون لهما بحيرة معاً و لكنهما حصلا على بحر كامل بحر بموجاته الهادئة و الصارخة ، بحر بهيبته و سكونه و جلاله فيتردد بداخلها مقطع يقول :

فلنعشق إذًا! فلنعشق!
وبالسّاعة الهاربة،هيّا بنا ننعم!
ليس للإنسان مرفأ،
ولا للزّمان ساحل؛فعجلة الزمان تدور ونحن نمضي!
ألا أيّها الدهر الحاسد،
هل لساعات النشوة،عندما يسقينا الحب السعادةَ بدون حساب،
أن تَطيرَ بعيدا عنّا، بسرعةِأيّام الشّقاء؟

لماذا لم يتوقف الزمن حين لامست أنفاسه الدافئة صدرها ؟؟

و كيف يعتمد طول الأوقات على حلاوتها كأن الدهر يطرد السعادة بشكل ما .. يقفز إلى ذهنها سؤال .. كم شخص في هذا العالم ذاق الحب حين يسقيك إياه أحدهم دون حساب ؟؟

ذاقت هي ان يكون الحب بلا حساب .. حين تغرق في السعادة و يظل طعمها عالقاً في فمك و يعلق ملمسها على يديك .. و رائحتها تملأ جوانب جسدك .. يجذبها صوت المطر تتجه نحو صوته ببطء .. لازالت الستائر المخملية تكشف زجاج انافذة الذي تسيل فوقه قطرات المطر .. تستحضر عينيه في إجلال و تلقي صلاة لأجله .. بتضرع شديد .. ترفع كفيها إلى السماء أن تجعل الدهر يطير بسرعة أيام الشقاء وقت الحب .. حين يسقيان بعضهما إياه دون حساب .