الأربعاء، 27 فبراير 2013

خواطر الفستان الأسود..




«شيماء.. هل أنتِ بخير؟؟»
«نعم..» أجبته وأنا أنظر إلى زميلي الجالس يسرد أرقامًا كبيرة..
طلبت المزيد من القهوة، فاعترض أحدهم قائلاً «ثلاثة أكواب كبيرة من القهوة السوداء الثقيلة و3 ألواح من الشوكولاتة الداكنة في ساعتين.. يكفي يا عزيزتي.. يكفي»
أقول بعدم اهتمام «لا أحب ان يراقبني أحد..!!»
واكتمل اليوم بعدما تناولت ستة أكواب من القهوة الداكنة.. ولوح شوكولاتة إضافي.. وعدتُ إلى البيت أشعر أنني أطير فوق الأرض ولا ألمسها، وأشعر أنني بعيدة عن ملامسة البلاطات الباردة التي أحب السير فوقها حافية، وكلما هاتفني شخصٌ ما؛ شعرتُ أنه يحدثني من مكان بعيد جدًا، لا أعرف ما الذي حدث لي، لكنني أشعر فعلياً أنني في مزاج غريب، واخترت أن أكتب وأنا في هذا المزاج، لأنني لم أختبره من قبل، أن تكون متنبهًا لكنك بعيد، وأن تكون مدركًا بربع وعي، ذاكرتك مشوشة.. لا ترى جيدًا.. وليس العيب في نظاراتك، لكن جزءًا هناك من مخك معطل، بالإضافة إلى قلبٍ معطوب في صدرك، وأنت لا تفعل شيئًا، لأنك لا تهتم..!
كان يجب أن أتسلم فستاني الأسود، ذهبتُ مع أختي لاستلام الفستان من «الأتيليه» وتجنبت القيادة لأنني لا أرى جيدًا، في غرفة القياس، ارتديت الفستان وأنا أنظر إلى تطريزاته الأنيقة، وقماشته الفخمة الباهظة الثمن، لا أعرف لماذا أنفقت كل هذا المال على فستان سهرة سأرتديه لساعتين في ليلة واحدة، ثم يوضع بجانب الفساتين الأخرى التي لا أفعل بها أي شيء، فقط معلقة بالخزانة، تنظر إلى بعضها وتنظر إلي كلما فتحت خزانتي لأنتقي شيئًا أرتديه.

نعم، الآن تذكرت.. اشتريت هذا الفستان لأنه كانت لدي خطط تتعلق به، أخبرت نفسي أنني سأستطيع أن أذهب به إلى «الأوبرا» مع رجل أحبه، أسير ممسكة بيده اليمنى وأهمس له كل دقيقة بشيء يجعله يبتسم، ثم يقول لي في رقة وهدوء:«أحبــك»
سأجلس إلى جواره في الأوبرا وأراقب عينيه تلمعان من فرط جمال الموسيقى، وأحتضن ذراعه وأميل برأسي على كتفه لأستمتع برائحته ودفء حبه لي،  فتزداد ابتسامته اتساعاً ويلتصق بي أكثر..!
وعندما تنتهي الأوبرا سنسير معًا في الليل نضحك، سنمشي طويلاً في شوارع لا يوجد فيها غيرنا، سأسير إلى جواره مرة.. وأسبقه في الخطى مرة.. ثم أنظر إليه وأسير أمامه إلى الخلف وأحدثه عن جمال الموسيقى وعن عازفة «الماريمبا» وعن إمكانية وجود نوتات موسيقية لهذه المقطوعات على الإنترنت حتى نتمكن من عزفها على البيانو معًا في منزلنا الصغير الدافئ..
وعندما نقترب من البيت، سأخلع حذائي وأركض حافية على الأرض، وأغويه بضحكة ماكرة، فيضحك هو أكثر، وأسبقه فيلحقني بسهولة لأن الفستان ضيق ولن يسمح لي بالحركة السريعة، وعندما يقترب، أغافل البيوت والأرصفة والأشجار لأقتنص من شفتيه قبلة.. فنمنح الظلام نورًا، ونختبئ تحت ستار الليل حتى نصل إلى بيتنا.. ونبدأ في الحب.. مرة أخرى..!
كنت أريد أن أصنع بهذا الفستان أشياء كثيرة، تخيلت أنني من الممكن أرتدي نفس الفستان فيما بعد حين أضيئ شموعًا ليلية في شمعدانات جميلة اشتريتها مؤخرًا، عندما أنتهي من طبخ أكلاته المفضلة ثم أضع عطر الفانيلا وأنتظر أن يفتح باب المنزل الصغير.. لأسأله في لؤم وبراءة:«ما رأيك يا حبيبي؟»

لازلت أقف أمام المرآة في غرفة القياس، وأختي تطرق الباب تسألني:«هل يبدو الفستان جيدًا؟ هل انتهيتِ؟»
أفقت من أحلامي الصغيرة وأخبرتها أنني انتهيت، انتهيت بالفعل..!!
دفعتُ ما تبقى من ثمن الفستان، وسرتُ أحمل اللفة الكبيرة إلى موقف السيارات، كانت أختي تحدث طفليها حديثًا لم أسمع منه أي شيء، كل ما أذكره هو أن هذه اللفة الكبيرة تحمل فستانًا باهظ الثمن، يكفن أحلامًا صغيرة.. ميتة.
يجب أن أحاول أن أنام الآن.. يجب أن أنام لأن لدي في الغد مهام كثيرة، أجلتها..!




الاثنين، 25 فبراير 2013

Serenity Prayer..

God, grant me the serenity to accept the things I cannot change, The courage to change the things I can, And wisdom to know the difference..


السبت، 23 فبراير 2013

عن الشوق الصاخب..



أتساءل..
كيف تضيء قبلاتك ولمساتك العابرة عروق يدي في الليل حين أرفعهما بالدعاء وقت السحر؟!
يوجد في جيبي حلم صغير..
يوشوشني وأنا أسير في الطريق طول اليوم أنك لو قَبَّلْتني.. سأصير من نساء الجنة وسأصبح أجمل..!!
ثم تبدأ وصلة الشوق الراقص داخل صدري دون ضجر.. وأساومه فلا يقبل إلا بك..!
حينها أدرك أنني انغمست في حرماني من عينيك وضحكتك وأصابعك ودخان سجائرك..
فأكتب لك رسالة كهذه.. حتى يسكن الشوق الصاخب..!
ويا ليته يفعل!!


الخميس، 14 فبراير 2013

عن الحب.. ♥ وأعياده



السادسة صباحًا..!
ركضت على عجل لأنني استيقظت متأخرة, نمت لفترة طويلة، أنا أنام خمس أو أربع ساعات في اليوم ويبدو أنني نمت ساعة سادسة..!!
سايس الجراج لم يقم بغسل سيارتي منذ أسبوع، سيارتي ليست نظيفة على الإطلاق من الخارج.. أريد أن أغسلها في محطة غسيل السيارات، وربما أفعل ذلك وأنا عائدة اليوم من العمل. عندما ركبت السيارة اكتشفت أنني نسيت أن أملأها بالوقود بالأمس، فكان يجب علي أن أملأ خزان الوقود أولاً ثم أقود لمسافة 52 كيلومترًا إلى قلب الصحراء حيث هذا المشروع النائي الذي لا يريد أن ينتهي.

هناك في محطة الوقود، لم يكن الصف طويلاً، فكرت في 14 فبراير، الناس تختار أن تعذب نفسها بمطلق إرادتها دائمًا عندما يتعلق الأمر بأعياد الحب وما شابه.
أنا لا أحب أعياد الحب، لا يهمني في شيء قديس يوزع الحب أو يقتله، كل هذه القصص التي تبدو مفتعلة وغير صحيحة لن تغير من حقيقة الأمر شيئًا؛ الناس تتحايل على الحب وتحاول أن تستجلبه بأي شكل، حتى بالمال والجنس وكل هذه الأشياء.. كأنهم يقدمون قرابين فيرضى الحب ويأتي مثلاً ليملأ نفوسهم، لكن الحب يختار أهله، الحب يختار من هو جدير به، الحب كما الموهبة، فالكثير من الناس يدفع من المال الكثير لدور النشر لتنشر لهم كتبهم فقط ولكن هذا لا يغير من حقيقة أنهم عديمو الموهبة، وهكذا الأمر في الحب، الناس تحاول رشوته لكنه غير موجود.. ولا يستجلب ولا يستحدث ولا يستنتج..!

الحب يجب أن يكون موجودًا دائمًا، أنا أكره أن أحتفل بالحب لأن الناس يحتلفون به، أنا أرى كل ذلك طقوسًا لإقناع أنفسهم أنهم واقعون في الحب.. والحب لا يحتاج إلى أعياد لأن الحب يجعل كل يوم عيدًا.. كل ساعة عيدًا.. كل دقيقة عيدًا.. كل نظرة وكل لمسة وكل كلمة.. هدية عيدًا.. وما حاجتي إلى يوم في العام وأنا أمارس شغفي به طوال الوقت؟!

تذكرت الآن صديقة، منذ 12 سنة تقريبًا كانت تحب صديقًا لي من طرفٍ واحد، أحبته وحدها وهو لم يعرف ذلك قط، أحبته وهي لا تعرفه جيدًا، وتقربت مني طمعًا في أن أعرفها إليه، أرادتني أن أقرب المسافات بينها وبين ذلك الوسيم الطويل صاحب الغمازات العميقة الذي لا يعرفها ولم ينتبه إلى وجودها قط.
أنا أكره هذه الأدوار، أكره أن يستعملني أحد كعامل حفاز في أي تفاعل خاصةً أنه سيكون فاشلاً بكل الحسابات، أنا أعرف كليهما وأعرف كيف يفكران، وهما من بيئتين مختلفتين، وقلت لها إنني أرى أنه لا داعي للانغماس في الأحلام كثيرًا لأن ذلك الفتى يفكر بشكل مختلف ولا أعتقد أنه جاهز للارتباط عاطفيًا بالشكل الذي توده في بيئتها الريفية العريقة المحافظة.
اشترت البنت مصحفًا بغلاف ذهبي، وقررت أن تذهب إليه يوم عيد الحب لتخبره أنها تحبه، حاولت إثناءها عن الفكرة فلم أستطع، ولما جاء يوم عيد الحب، آثرت أنا السلامة فلم أذهب إلى الكلية، وجلست أطبخ في دار الطالبات وأستمع إلى الموسيقى، ثم عادت البنت بعد العصر، وهي تبكي.. وقالت إنه لم يفكر بها، لم يحبها، واعتذر لأنه عاملها بلطف لأن لطفه لم يكن سوى أدب جم وحسن سلوك لأنها صديقتي ليس أكثر.
غضبت مني البنت، وقالت إنني لست صديقتها لأنني لم أساعدها، حاولت أن أخبرها أن الحب لا يمكن أن يستزرع في صوبات، ولا ينمو الحب إلا طبيعيًا، لكنها رفضت ذلك، غضبت وصرخت وعنفتني ثم ذهبت ولم تحدثني طوال المدة الماضية.
عندي حكايا كثيرة تخص أعياد الحب، وأعتقد إن جانبًا من كرهي لأعياد الحب كمية القلوب التي تنكسر فيها، والتوقعات التي تخيب دائمًا حين يسند الناس أرواحهم على الآخرين فيخذلونهم، وأتعجب من الذين يختارون هذه الأيام للخذلان في العلاقات العاطفية القوية، فيا عزيزي إن كنت تريد أن تكون نذلاً فمارس النذالة في يوم آخر.. هذا لن يضرك.. ولن يقتل أحدًا..!

في العام الماضي؛ عشية ليلة الفالنتاين، حدثني أحد زملاء عملي عن نيتي في عيد الحب وكيف سأقضيه، فأخبرته أنني وحدي ولا حب لدي سوى حبي الذاتي، ولأنني أحبني وأدللني على الدوام فربما سأكتفي بالاستفادة من الخصومات التي تقدمها المتاجر على مستحضرات العناية بالبشرة والعطور، فابتسم ثم تمنى لي أمنية نصها:
«أتمنى أن تقعي في الحب هذا العام لتحتفلي بالفالنتاين العام القادم، أتمنى أن يغمرك الحب الجارف، الحب الذي يجعلك ترقصين وتغنين ويملأ الدنيا حولك بالألوان، وأتمنى أن يكون شريكك رجلاً حقيقيًا له قلب كبير وعقل أكبر».

الشيء الذي لم ينتبه إليه صديقي، هو أنني إن وقعت في مثل هذا الحب الجارف، لن أحتاج إلى أعياد الحب لأشعر فيها بالسعادة أو الرضا عن الرجل الذي أحبه، لن أحتاج إلى قلوب حمراء ودمى محشوة حمراء، لأنه يمنحني العيد طوال الوقت، ويملأ الدنيا هدايا وألوانًا كثيرة..!!