الجمعة، 26 أبريل 2013

خواطر قبل الزلزال..



أنا باكتب التدوينة دي كأنها التدوينة الأخيرة.
لأن فيه زلازل متوقعة تحصل في المنطقة اللي انا مقيمة فيها وبيقولوا إن تأثيرها سيكون قوي وشديد..
وبالرغم من ان مفيش أي جهاز في العالم او طريقة تتنبأ بموعد وقوع الزلازل أو شدتها.. إلا إن الاجراءات الأمنية بقت بتركز أكتر دلوقتي على موضوع الزلازل.. زي ما النهارده وأنا في الشغل لقيت المسؤولين عن الأمن والسلامة  بيعملوا خطط إخلاء أسرع من المتعارف عليه وبيتكلموا عن الأماكن الآمنة في حالات الزلازل وكده.
أنا هاتخيل إن دي آخرمرة أكتب فيها فعلاً.. لما جيت أفكر كده لقيت نفسي مش قادرة أكتب بالفصحى.. بس فيه كلام ضروري أقوله.. ومهم جدًا.

كل التعب والمآسي الحياتية الي بنشوفها في حياتنا.. كأفراد في مجتمعات مقهورة ومتخلفة.. سببها التربية اللي الناس بتربيها لولادها.. حتى الوجع العاطفي.. سببه بردو التربية.. لدرجة إني كتير أوي بافكر إنه لازم يتقاس الآي كيو العاطفي والعقلي لأي اتنين قبل ما يمنحوهم حق الانجاب والتربية.. بجد.. لأن العالم مش هيستحمل بشاعة أكتر من كده!!
أيوة التربية.. التربية المجتمعية، يعني الولد اللي بيتربى من وهو صغير على إنه لازم يتفوق على البنت.. لما بيكبر.. ممكن يقابل بنت أنجح أو أغنى أو أفضل في أي حاجة.. بيبقى مش عارف يعمل ايه.. يحبها لأنه معجب بيها.. ولا يكسرها ويحرق قلبها لأنها بتكسر قاعدة إن هو لازم يبقى أحسن؟؟ لأ.. يبقى يكسرها عشان تبقى هي ضعيفة ويبقى هو أقوى.. ويبقى بردو أحسن من البنت.. وأشطر منها.

أنا قابلت ناس همة ضحية نفسهم.. أعداء نفسهم.. فاشلين لأنهم مش متخيلين إنه المفروض يعملوا أي حاجة غير إنهم يكونوا فاشلين.. عاملين زي الكائنات الطفيلية.. بتسحب منك طاقة ووقت وبتستنزفك وبتسبب مرض كمان تقعد انت تتعالج منه فترة طويلة.. بيبقوا مش عاوزين ينجحوا عشان مش هيعرفوا يبقوا ضحية لو نجحوا.. مش هيعرفوا يفشلوا تاني.. حاسين إن كونهم فاشلين دي «الكومفورت زون» بالنسبة لهم.. النوع ده بيبقى جبان أوي.. لو كشفته بدري.. إخلص منه.. الصبر والمحاولة تعب قلب على الفاضي.. وفر طاقتك لنفسك..!

شوفت ناس عندهم مشكلة في ثقافة المشاعر.. محدش علمه يعبر عن مشاعره بس علموه كويس اوي إنه يكبتها ويركنها على جنب.. فلما يحس بمشاعر يبقى مش قادر يفهم المفروض يتصرف إزاي.. فبيلخبط الدنيا وبيضيع وبيبقى مش عارف يعمل إيه بالظبط.. بيبقى مش فاهم هو حاسس بإيه ولا المفروض يقول إيه أو يخطط إزاي.. مش قادر يفرق بين الحب والإعجاب والاشتهاء.. وبيخلط.. جاهل بمشاعره حرفيًا.. ده بقى بيعذب معاه كل الناس.. لا قادر يعمل علاقة سوية مع حد ولا عارف يمارس أي علاقة بإخلاص.. شخص سطحي وهمجي.. ومسخ حيواني بحت.

التربية العربي المتخلفة دي مطلعة أجيال من السايكوباث والسوشيوباث.. وأنا شوفت منهم كتير أوي.. لدرجة إني بدأت أحس إن السلوك السايكوباث- السوشيوباث بدأ يبقى اتجاه مجتمعي جماعي كده في المجتمعات العربية.. والمصيبة إن اللي بيعانوا بالفعل همة الناس اللي اتربوا بشكل سوي وصحيح.. للأسف..!

عاوزة أتكلم كمان عن الناقصين.. أيوة.. الناس الناقصين.. اللي بتضخم ذاتها أوي بذكر محاسنها.. أو بتضخيم محاسنها أو الكذب على نفسها بصفات كويسة.. أي حد بيتكلم عن نفسه بصفة معينة تختص بالأخلاق والإنسانية والكلام ده تعرف فورًا إنه بيفتقدها وتبقى متأكد إنه هيسبب لك ضرر جسيم بسبب نقص الصفة اللي هو متخيل إنها موجودة فيه.. النوع ده لو قدرت تكتشفه في الأول.. أطرده من محيطك فورًا.. النوع ده مضر أوي..جدًا يعني. (مثال: الكذاب بيقول إنه مابيكذبش.. المخادع بيؤكد على الصدق.. القذر المتلون بيؤكد على النقاء)


إتعرض عليا أكتر من مرة من شركات تسويق إليكتروني إني أكتب مقالات في وسط أحاديث الذات أو التدوينات العادية بشكل إعلاني عن خدمة أو منتج أو برنامج إليكتروني بمقابل مادي قصاد كل مقال على المدونة، بس انا ماحبيتش أعمل كده عشان مابحبش الابتذال.. مابحبش أبتذل المدونة بتاعتي.. لأني حاسة إنها شخصية أوي.. ومهما بلغت من زيارات أو شعبية ماعتقدش انه المفروض إني أحولها لمدونة دعائية..  لأني باكتب بغرض الكتابة فقط.. وكل اللي بيحصل إني لما باجي هنا باحتاج أتكلم أو أحكي حدوتة.. ولما باكتبها وحد بيقراها بأحس إن فيه حد سمعني.. وبارتاح.. مش الغرض المنافسة أو الشهرة الأدبية أو الانتشار والكلام الكتير الكبير اوي اللي مابيشكلش بالنسبة لي أي حاجة.. خصوصاً إني عندي طموح في البيزنس.. مش في الكتابة. (ده في حالة عدم وقوع الزلزال طبعًا :D )
اللي أقصده يعني.. ماتبقاش مبتذل عشان خاطر الفلوس.. خلي فيك سمو كده واحترام لشخصك ولذاتك ولموهبتك.. ولو بتعتبر مدونتك بيتك.. ماتفتحش بيتك لأي حد يوسخه.
حاجة حلوة أوي كمان.. لو قدرت تقع في حب أفضل أصدقاءك.. إعمل كده.. ببساطة..!
المهم يعني.. ربوا ولادكم كويس.. علموهم الحب والأخلاق والحنان.. لو ربيتوهم بقسوة على الكبت وتحطيم الذات هيطلعوا سايكو بردو.. وهيفضل المجتمع العربي ده بيعاني كده على طول.. وهنفضل متخلفين.. ومقهورين.

لو ماحصلش زلزال في الوقت المتوقع اللي هو لحد أول مايو.. هتلاقوني هنا بردو.. بس هارجع أكتب فصحى وأكمل معاكم السلسلة القصصية الجديدة بتاعت أسرار الليلة الماضية.

وربنا يحفظكم ويحفظنا يا رب.



الخميس، 18 أبريل 2013

أَسْـــرارُ اللَّيْــــــلةُ المــــاضِيَــة.. (3)


سارت معي وهي تمسك بذراعي اليمنى كأنها تخاف علي أن أتعثر..!!
أشارت إلى صندوق أزرق في الزاوية، لكنني أبحث عن صندوق أبيض، لأنك يا حبيبي تحب اللون الأبيض، بالرغم من أنني أراه لونًا حياديًا وبلا هوية، ولكن مادمت سأختار تابوتًا أنيقًا لأشيائك، كان يجب أن أختار صندوقًا أبيضًا، أنيق كفاية ليليق بكم الحب في قصتنا البيضاء بغض النظر عن ما آلت إليه الأمور من ألم وتعب وحزن ومرض.
ولأنك قصتي البيضاء؛ ما استطعت أن أضع أشياءك في ذلك الصندوق الكرتوني التافه الذي أعطاني إياه الطبيب في المرة الأخيرة، لا أستطيع أن أفعل ذلك بكل ما تبقى لي منك، لا أستطيع..!!
نظرتُ إلى الصناديق البيضاء واخترت أجملها، كان صندوقًا متوسط الحجم، أبيض كصندوق هدايا منقوش عليه طيور صغيرة كأنها عصافير وكأن هناك نجومًا على زوايا الصندوق، الصندوق يبدو طفوليًا تماماً بريئًا كما كنت أراك دائمًا، وبلون قميصك الأبيض الذي أحبه. دائمًا كان يليق بك اللون الأبيض.. دائمًا..!

اصطحبتني صديقتي«أ» -أنت تعرفها- إلى المنزل وأنا ممسكة بالصندوق، لم أتحدث كلمة واحدة، وهي نفسها لا تتحدث لأنني اشترطت عليها ألا تكلمني عنك إن كانت ستتكلم، فإذا بها صامتة للغاية، ثم وضعت يدها على كتفي لتربت علي مراراً، واحتضنتني عدة مرات وكنت قد لمحت دموعًا صغيرة في عينيها، قالت إنها حزينة لأجلي.. قالت إنها توقعت ذلك.. ولكنها دعت كثيرًا ألا يحدث ما توقعته كلما رأت حبك يشع من عيني.

وصلتُ إلى المنزل، يجب علي أن أسهر مرة أخيرة بصحبة أشيائك، لأنني يجب أن أقوم بتسليمها إلى الطبيب في صندوق كجزء من العلاج، ويجب أن أتجرد من كل ما أغطي به نفسي منك، يجب ان أتجرد منك نهائيًا، والتخلص من الأشياء المادية سيكون خطوة هامة في العلاج.
صعدتُ إلى غرفتي، وفتحت حاسوبي، وضعت فيه قلم ذاكرة صغير بسعة بسيطة، على هذه الذاكرة سأقوم بتخزين كل الصور والمحادثات والرسائل دون أن أحتفظ بنسخة أخرى منها، وكذلك سأودع فيها رسائلنا النصية، وكل مقتنياتنا الإليكترونية إلى الأبد، حاولت ألا أنظر إلى صورك مرة اخيرة لكنني لم أستطع، حاولتُ ألا أنظر إلى رسائلك لكنني لم أستطع أيضًا، فجلست أقرأها كلها وأشاهد صورك كلها، ثم قمت بحذفها بعد الاحتفاظ بنسخة منها في قلم الذاكرة الصغير الذي سيوضع في الصندوق.
تناولتُ كتابك المفضل، وزجاجة عطري الذي تحبه، ووضعتهما في الصندوق كأنني أوسد جثة رضيع التراب، شعرتُ بحزن أكثر عمقًا كأنني أختنق من الداخل، أنا الآن أتخلص من كل ما تبقى لي منك..!

كنتُ قد حصلت على زجاجة من عطرك أنت أيضًا، كنت أضع منها القليل كل يوم تحت ملابسي، ولأنه عطر خفيف لم يلاحظه أحد، لكنني كنت أشعر أنني قريبة من صدرك طوال الوقت، أنا غير قادرة على استيعاب ذهابك عني إلى الآن، وغير قادرة على تصديق ذلك..!
في هذا الظرف منديل أبيض أيضًا به بعض قطرات من دمعك، أتذكر دموعك جيدًا.. لقد سرقت منديلك هذا دون أن تلاحظ، لأنه محرمة ورقية عادية، بها القليل من عطرك والقليل من دمعك، يوجد أيضًا سفينة وطائرة ورقيتان صغيرتان، صنعتهما بأصابعك وأنت جالس إلى جواري، بالإضافة إلى قطعة صغيرة من العلكة.. هذه أيضًا احتفظت بها..!
نظرتُ حولي في الغرفة فلم أجد شيئًا آخر، ثم شعرت بالألم الذي غادرني منذ بدأت أتناول الأدوية العلاجية يعود بشكل أكثر قسوة، وتعجبت كيف انتهينا، كيف انتهينا ولماذا انتهينا؟؟ لا أعرف..!!

في حقيبتي دائمًا ورقة كتبتها في عيادة الطبيب لأرددها حسب تعليمات العلاج.. مددت يدي أقرأها..
«هو لم يحبني أبدًا وأحب ذاته أكثر مني.. حنث بقسمه وأخلف وعوده كلها.. لم يكن قادرًا على تحمل مسؤولية أي كلمة تفوه بها.. لم يكن حقيقيًا كان صورة كاذبة.. أنا أحببته وغدر بي ثم تركني جريحة أعاني الألم والخذلان وأواجه الحرمان والجرح وحدي.. ضيع من عمري وقتًا كنت أنا أولى به.. لا يجب أن أندم على حبي له لأنني لم أكذب ولم أصطنع ولم أخلف وعدي معه.. الذي يندم هو الذي يخسر وأنا بإعطائه الحب لم أخسر أي شيء..  هو الآن يستمتع بحبٍ آخر ولا يذكرني ولا يحتاج إلي في شيء ويجب علي أن أتجاوزه.. بأي ثمن»

بكيتُ كثيرًا.. وقضيت الليلة كلها أنظر إلى الصندوق.. ولم أعرف كيف سأقود المسافة إلى العيادة في اليوم التالي..!
اليوم صباحاً اتصلت بأحد أصدقائي وأخبرته أنني أرغب أن يوصلني إلى المركز الطبي، لأنني لن أستطيع أن أقود بهذا الصندوق إلى جواري، انا أحمل جثة حبي في صندوق.. ويجب أن يبقى في حضني قليلاً..!
أتى صديقي في الموعد المحدد وكنت قد أحكمت غلق الصندوق بمفتاح ذهبي صغير، جلست في المقعد الأمامي وأنا أحتضن الصندوق وأضمه إلى صدري، ولم يتحدث صديقي كثيرًا.

عندما وصلتُ إلى العيادة سلمتُ الصندوق إلى الطبيب  فإذا به يضع عليه ملصقًا، يكتب عليه اسمي والتاريخ  ثم نادى على عاملٍ وأعطاه الصندوق.. ثم سألني: «كيف تشعرين؟»
أجبت بأنني أحبك كثيرًا.. كثيرًا.. ولا أستطيع استيعاب فراقنا.. لا أستطيع..!

الاثنين، 8 أبريل 2013

حَديثُ ذاتْ.. 18


الخامسة صباحاً..
أنا مشلولة..!
مرة أخرى لا أستطيع الحركة كأن جسدي مربوط بأثقال إلى الفراش، لا أستطيع أن أرفع ذراعي من مكانهما، بينما اتجهت عيناي المفتوحتان إلى السماء.. يا الله.. يا الله.. اللهم لا إله غيرك.. خفف عني ما أجد.
السابعة صباحًا.. 
الهاتف يرن.. أحد زملائي في العمل وكان ذلك رقمه، رفعت يدي نحو الهاتف وأجبته..
أنا- ألو..
هو- صباح الخير 
أنا- مرحبًا.. ماذا حدث..؟
هو- أنتِ لستِ بالمكتب يا شيماء.. هذا ما حدث..!!
أنا- وما الخطب في ذلك؟ ما الأمر الجلل؟
هو- لم نعمل معًا على...(ويذكر أشياء عملية كثيرة بغيضة)
أنا- لكنني لا أريد ان أعمل اليوم!!
هو- لماذا يا عزيزتي؟
أنا- لا أستطيع أن أترك فراشي.. لا أستطيع أنا متعبة كأنني مشلولة.
هو- ولكنك تردين على الهاتف..!
أنا- حسنًا.. لساني ليس مشلولاً..!
هو- لقد اعتمدتُ عليكِ وأنتِ تخذلينني يا شيماء.. تخذلينني!!
أنا- ألم يخبرك أحد أنني مجنونة.. مصابة بالاكتئاب.. أراجع طبيباً نفسيًا ولا أستطيع أن أفعل شيئًا أفضل مما ترى؟ لماذا تعتمد علي؟؟ هذا خطؤك وحدك فتحمله، اعمل وحدك لا تعتمد على أحد!!

أغلقت الهاتف.. أنا لا أبالي بأي شيء.. لازلت مربوطة إلى هذه الحياة لسببٍ ما، وبعد قليل استيقظت أمي التي وجدتني صامتة ملقاة على كرسي بجوار الشباك الكبير، ولم تقل أمي أي شيء، فقط تركتني وحدي.. أفكر في أشياء كثيرة ليس منها العمل،  لقد خذلت زميلي ذاك بل إنني أوقعت به في أمر ربما لن يستطيع أن يعمل عليه بدوني حتى وإن حاول ألف مرة؛ لن يستطيع لأنه لا يعرف كيف يقوم به في الأساس، لكن من الذي يهتم..؟ لا أحد يهتم.. عندما أغرق في العمل أو الوجع أو أي شيء لا يهتم أحد.. الناس يمضون إلى حياتهم وأنفسهم خذلوني أو لا.. وسأفعل مثل الناس.. فقط مثلهم.. يجب أن ينال كل شخص جزاءه العادل.. أنا سأطبق العدالة بطريقتي.

عندما حاولتُ أن أغفو ظهرت في حلمي شخصية بغيضة، إنها امرأة تبدو ميتة وشاحبة الملامح، كنت قد حكيتُ عنها قبل ذلك عرضًا في «انعكاسات» لكنها اليوم أتت وهي تضحك وبيدها سكين مدبب وأنا مشلولة أيضًا على فراشٍ ما.. ثم صارت هذه المرأة ترسم نقاطًا بالسكين حول قلبي كأنها تخطط لاقتلاعه.. وقبل أن تضرب السكين حول قلبي أوقفتها يدُ شخصٍ ما.. لم أره.
يجب أن أخبر طبيبي عن هذه المرأة وعن «الحلم البنفسجي» أيضًا، أنا لا أعرف من هي.. ولا أعرف ماذا تريد ولماذا تضحك.. ولماذا تحمل سكينًا لتقتلع به قلبي؟

مرة أخرى ضبطت نفسي متلبسة شوقًا «إليه» أفتح كتابه القديم الذي خط فيه أشياء كثيرة، أحاول أن أتوقف عن الاشتياق إليه لكنني لا أستطيع، أفتح الكتاب وأحاول أن أقرأه مرة «سادسة» أبحث عن آثاره وعن رائحة دخانه الذي ربما التصق بصفحة ما عرضًا، أبحثُ عن خطوطه بالقلم الأزرق وبالقلم الرصاص وعن خطه الذي كتب به كلمات صغيرة في أماكن متفرقة من صفحات صرتُ أحفظ أرقامها، تذكرتُ حين أصررت أن يعطيني نسخته ورفضت أن يعطيني النسخة الجديدة، أردتُ شيئًا حقيقيًا منه، شيئًا أَحَبَه واحتفظ به بين يديه كثيرًا.

اليوم أيضًا تذكرت صديقتي التي توفيت منذ أيام قليلة، توفيت صديقتي بعدما تزوجت من الشخص الذي أحبته بسنتين، لقد استطاعت صديقتي –رحمها الله- أن تحب رجلاً واحدًا لمدة ثمانية سنوات، وتركت وراءها كل شيء لأنها أرادت أن تتزوج به، لم تبالِ بأشياء كثيرة، لم يهمها حكم الناس ولا رأيهم ولم يهمها أيضًا كلام صديقاتها اللاتي صرن يخبرنها أن حبيبها لا يناسبها، ولكنها تزوجت به، وعاشت سعيدة معه لسنتين ثم ماتت فجأة.
رحم الله «فاطمة».. رحمة واسعة.

الجمعة، 5 أبريل 2013

أَسْرارُ اللَّيْلَةِ الْماضِيَة.. (2)




حلمتُ مرة أخرى بك..!
كانت الأحلام التي تخصك قد توقفت منذ بدأت في تناول المنومات من عشرة أيام، وتعجبت من اختفاء أحلامي كلها، أنا أنام كجثة وأفيق متعبة كأنني لم أنم أبدًا، ولكنني حلمتُ بك البارحة عندما غفوت عصرًا بعد نوبة الصداع النصفي..

كان لدينا منزلٌ به شرفة تطل على بحر بنفسجي، البحر بنفسجي للغاية أمواجه بنفسجية وسمائه بنفسجية وكذلك الرمال، كان يبدو جميلاً لكنه مقبض، مخيف بطريقة ما بالرغم من الهيبة والجلال اللذين يحيطان به، وأنتَ جالسٌ تقرأ جريدة ما، بينما كنتُ أنا أساعد طفلاً جميلاً اسمه «أدهم » -هكذا كنت تناديه- في حل واجبه المدرسي، الطفل يبدو في الصف الأول الابتدائي، وأنت تبدو أكبر من عمرك بقليل، ولكن ابتسامة هادئة لم أشاهدها واقعيًا ولا مرة كانت على شفتيك وأنت تسمع الصغير ينطق الحروف العربية بشكل خاطئ؛ الطفل الذي يشبهك بعينين واسعتين.. ويبدو أنني أنجبته منك!

اليوم كنتُ على موعد مع الطبيب الذي يحاول تغذية خيالي عنك بأشياء لا أريد أن أصدقها.. الطبيب يخبرني بأشياء شديدة البشاعة، ويريدني أن أصدق أنها حقائق وأنا لا أعرف كيف أفعل ذلك..!
أشعر بفراغ داخلي شديد، كأن كل مشاعري اختفت وحل مكانها لونٌ رمادي لا معنى له، كأن كل شيء صار رماديًا وانعدمت هويته، ما عدتُ أستطيع البكاء ولكن الحزن الشديد يسيطر على جزءٍ كبير مني، ولم يختفِ الألم بعد لكن انفعالاتي كلها اختفت وصار هناك حزنٌ عميق هادئ بلا دموع أو انهيارات أو دوار، كأن مشاعري الصاخبة تجمدت، وأنا فقط حزينة بعمق وأتناول أدويتي بانتظام، لأنني لا أريد أن أقتل نفسي!
أخبرني الطبيب أن ذلك تأثير الأدوية وأنه طبيعي ومنتظر، وأنني بخير.. بالرغم من أن لدي إحساساً بأن هذه الأدوية لا تفعل شيئًا سوى أنها تقتلني من الداخل، وعندما قلت له ذلك رد بأن ذلك طبيعي.. مادمتُ أستطيع ممارسة حياتي وقيادة سيارتي والذهاب إلى العمل واتخاذ القرارات دون أخطاء فإنني – حسب تقييمه الطبي- بخير..!

«ولكنني أشعر أني مسحوبة الروح ولا أشعر برغبة حقيقية في أي شيء»
فعقب هو: «هذا شيء لن تستطيع الأدوية إصلاحه بشكل حقيقي.. لكننا سنحاول»

نظرتُ إلى المكتب فوجدتُ أنه بدأ في تحليل رسائلي إليك، وكان قد طلب نسخة من رسائلك منذ أسبوعين فأرسلت إليه القليل منها، وأطلعني على نتيجة تحليله للرسائل والحكي والمحادثات الكتابية مع مطابقتها لمعلومات طلبها في استمارتين طويلتين قبل ذلك، وكانت النتيجة مريعة وصادمة، لكنني لم أستطع البكاء أيضًا، وكل هذه النتائج التي ساقها لم تنجح في انتزاع حبك من قلبي، وأشعر أن كل ذلك تمثيلية سخيفة ستنتهي في وقتٍ ما بمساعدة الصبر والصلاة والدعاء، أنا لا أصدق أنك لم تحبني حقًا ولا أصدق أنك كذبت أو أخلفت عهدك، لكنني أصدق أن هناك شيئًا أو ظرفًا -لا أعرف ماهيته- سيستمر لوقتٍ محددٍ ثم سنعود معًا.. لا أعرف متى لكنني أصدق أن ذلك سيحدث.

عدتُ إلى عملي وانشغلت بتقرير انتهيتُ منه سريعًا ثم ذهبتُ لتدريم أظافر يدي، لقد صارت أظافري طويلة لأنني ما عدتُ أكترث بالعزف على البيانو وما عدتُ أهتم بذلك، وعندما قامت عاملة الصالون بتدريم أظافري كنت أفكر في الحلم بينما تحكي هي لي عن قصة حبها لزوجها التي استمرت 14 عامًا، وبعدما انتهت من طلاء أظافري أخبرتني أن يدي جميلتان.. ابتسمت وتذكرتك في كل مرة أطبقت براحتك على يدي وأخبرتني أنك تحبني كثيرًا، تذكرتُ أنك أخبرتني أن يدي جميلتان..! :)

في قرارة نفسي تمنيتُ لو أننا بقينا معًا، كان لدينا عالمٌ موازٍ.. يسعنا.. فقط.. واسع بما يكفي لتطير فيه محققًا حلمك أن تكون «عصفورًا».. وضيق بما يكفي لأنه لا يتسع لآخر معنا..!

أحبك.. وأنتظرك.. اليوم أيضًا..!!
شيماء


الاثنين، 1 أبريل 2013

وتَصيرُ الأَرْضُ جَنةً.. ♥




أنعزل عن الكون في ذاتي فلا أجد غيرك..
 أتذكر ابتسامتك فينبت في رأسي حقل بنفسج يشبه حزنك الهادئ في تفاصيله..
فتتشكل عناقيد الشوق حول قلبي الذي يخبئك كأمنية وصلاة..!!
أحاول استحضارك بعينين مغمضتين.. وأناديك: 
«يا حبيبي.. تعال..»
ثم تأتي محملا بصرة نجوم.. وتخبرني انك قطفتها لي..
ويغشاني نور روحك فلا أبصر سواك.. وتصير الأرض جنة..!