الاثنين، 8 أبريل 2013

حَديثُ ذاتْ.. 18


الخامسة صباحاً..
أنا مشلولة..!
مرة أخرى لا أستطيع الحركة كأن جسدي مربوط بأثقال إلى الفراش، لا أستطيع أن أرفع ذراعي من مكانهما، بينما اتجهت عيناي المفتوحتان إلى السماء.. يا الله.. يا الله.. اللهم لا إله غيرك.. خفف عني ما أجد.
السابعة صباحًا.. 
الهاتف يرن.. أحد زملائي في العمل وكان ذلك رقمه، رفعت يدي نحو الهاتف وأجبته..
أنا- ألو..
هو- صباح الخير 
أنا- مرحبًا.. ماذا حدث..؟
هو- أنتِ لستِ بالمكتب يا شيماء.. هذا ما حدث..!!
أنا- وما الخطب في ذلك؟ ما الأمر الجلل؟
هو- لم نعمل معًا على...(ويذكر أشياء عملية كثيرة بغيضة)
أنا- لكنني لا أريد ان أعمل اليوم!!
هو- لماذا يا عزيزتي؟
أنا- لا أستطيع أن أترك فراشي.. لا أستطيع أنا متعبة كأنني مشلولة.
هو- ولكنك تردين على الهاتف..!
أنا- حسنًا.. لساني ليس مشلولاً..!
هو- لقد اعتمدتُ عليكِ وأنتِ تخذلينني يا شيماء.. تخذلينني!!
أنا- ألم يخبرك أحد أنني مجنونة.. مصابة بالاكتئاب.. أراجع طبيباً نفسيًا ولا أستطيع أن أفعل شيئًا أفضل مما ترى؟ لماذا تعتمد علي؟؟ هذا خطؤك وحدك فتحمله، اعمل وحدك لا تعتمد على أحد!!

أغلقت الهاتف.. أنا لا أبالي بأي شيء.. لازلت مربوطة إلى هذه الحياة لسببٍ ما، وبعد قليل استيقظت أمي التي وجدتني صامتة ملقاة على كرسي بجوار الشباك الكبير، ولم تقل أمي أي شيء، فقط تركتني وحدي.. أفكر في أشياء كثيرة ليس منها العمل،  لقد خذلت زميلي ذاك بل إنني أوقعت به في أمر ربما لن يستطيع أن يعمل عليه بدوني حتى وإن حاول ألف مرة؛ لن يستطيع لأنه لا يعرف كيف يقوم به في الأساس، لكن من الذي يهتم..؟ لا أحد يهتم.. عندما أغرق في العمل أو الوجع أو أي شيء لا يهتم أحد.. الناس يمضون إلى حياتهم وأنفسهم خذلوني أو لا.. وسأفعل مثل الناس.. فقط مثلهم.. يجب أن ينال كل شخص جزاءه العادل.. أنا سأطبق العدالة بطريقتي.

عندما حاولتُ أن أغفو ظهرت في حلمي شخصية بغيضة، إنها امرأة تبدو ميتة وشاحبة الملامح، كنت قد حكيتُ عنها قبل ذلك عرضًا في «انعكاسات» لكنها اليوم أتت وهي تضحك وبيدها سكين مدبب وأنا مشلولة أيضًا على فراشٍ ما.. ثم صارت هذه المرأة ترسم نقاطًا بالسكين حول قلبي كأنها تخطط لاقتلاعه.. وقبل أن تضرب السكين حول قلبي أوقفتها يدُ شخصٍ ما.. لم أره.
يجب أن أخبر طبيبي عن هذه المرأة وعن «الحلم البنفسجي» أيضًا، أنا لا أعرف من هي.. ولا أعرف ماذا تريد ولماذا تضحك.. ولماذا تحمل سكينًا لتقتلع به قلبي؟

مرة أخرى ضبطت نفسي متلبسة شوقًا «إليه» أفتح كتابه القديم الذي خط فيه أشياء كثيرة، أحاول أن أتوقف عن الاشتياق إليه لكنني لا أستطيع، أفتح الكتاب وأحاول أن أقرأه مرة «سادسة» أبحث عن آثاره وعن رائحة دخانه الذي ربما التصق بصفحة ما عرضًا، أبحثُ عن خطوطه بالقلم الأزرق وبالقلم الرصاص وعن خطه الذي كتب به كلمات صغيرة في أماكن متفرقة من صفحات صرتُ أحفظ أرقامها، تذكرتُ حين أصررت أن يعطيني نسخته ورفضت أن يعطيني النسخة الجديدة، أردتُ شيئًا حقيقيًا منه، شيئًا أَحَبَه واحتفظ به بين يديه كثيرًا.

اليوم أيضًا تذكرت صديقتي التي توفيت منذ أيام قليلة، توفيت صديقتي بعدما تزوجت من الشخص الذي أحبته بسنتين، لقد استطاعت صديقتي –رحمها الله- أن تحب رجلاً واحدًا لمدة ثمانية سنوات، وتركت وراءها كل شيء لأنها أرادت أن تتزوج به، لم تبالِ بأشياء كثيرة، لم يهمها حكم الناس ولا رأيهم ولم يهمها أيضًا كلام صديقاتها اللاتي صرن يخبرنها أن حبيبها لا يناسبها، ولكنها تزوجت به، وعاشت سعيدة معه لسنتين ثم ماتت فجأة.
رحم الله «فاطمة».. رحمة واسعة.