كانت الأحلام التي تخصك قد توقفت منذ بدأت في تناول المنومات من عشرة أيام، وتعجبت من اختفاء أحلامي كلها، أنا أنام كجثة وأفيق متعبة كأنني لم أنم أبدًا، ولكنني حلمتُ بك البارحة عندما غفوت عصرًا بعد نوبة الصداع النصفي..
كان لدينا منزلٌ به شرفة تطل على بحر بنفسجي، البحر بنفسجي للغاية أمواجه بنفسجية وسمائه بنفسجية وكذلك الرمال، كان يبدو جميلاً لكنه مقبض، مخيف بطريقة ما بالرغم من الهيبة والجلال اللذين يحيطان به، وأنتَ جالسٌ تقرأ جريدة ما، بينما كنتُ أنا أساعد طفلاً جميلاً اسمه «أدهم » -هكذا كنت تناديه- في حل واجبه المدرسي، الطفل يبدو في الصف الأول الابتدائي، وأنت تبدو أكبر من عمرك بقليل، ولكن ابتسامة هادئة لم أشاهدها واقعيًا ولا مرة كانت على شفتيك وأنت تسمع الصغير ينطق الحروف العربية بشكل خاطئ؛ الطفل الذي يشبهك بعينين واسعتين.. ويبدو أنني أنجبته منك!
اليوم كنتُ على موعد مع الطبيب الذي يحاول تغذية خيالي عنك بأشياء لا أريد أن أصدقها.. الطبيب يخبرني بأشياء شديدة البشاعة، ويريدني أن أصدق أنها حقائق وأنا لا أعرف كيف أفعل ذلك..!
أشعر بفراغ داخلي شديد، كأن كل مشاعري اختفت وحل مكانها لونٌ رمادي لا معنى له، كأن كل شيء صار رماديًا وانعدمت هويته، ما عدتُ أستطيع البكاء ولكن الحزن الشديد يسيطر على جزءٍ كبير مني، ولم يختفِ الألم بعد لكن انفعالاتي كلها اختفت وصار هناك حزنٌ عميق هادئ بلا دموع أو انهيارات أو دوار، كأن مشاعري الصاخبة تجمدت، وأنا فقط حزينة بعمق وأتناول أدويتي بانتظام، لأنني لا أريد أن أقتل نفسي!
أخبرني الطبيب أن ذلك تأثير الأدوية وأنه طبيعي ومنتظر، وأنني بخير.. بالرغم من أن لدي إحساساً بأن هذه الأدوية لا تفعل شيئًا سوى أنها تقتلني من الداخل، وعندما قلت له ذلك رد بأن ذلك طبيعي.. مادمتُ أستطيع ممارسة حياتي وقيادة سيارتي والذهاب إلى العمل واتخاذ القرارات دون أخطاء فإنني – حسب تقييمه الطبي- بخير..!
«ولكنني أشعر أني مسحوبة الروح ولا أشعر برغبة حقيقية في أي شيء»
فعقب هو: «هذا شيء لن تستطيع الأدوية إصلاحه بشكل حقيقي.. لكننا سنحاول»
نظرتُ إلى المكتب فوجدتُ أنه بدأ في تحليل رسائلي إليك، وكان قد طلب نسخة من رسائلك منذ أسبوعين فأرسلت إليه القليل منها، وأطلعني على نتيجة تحليله للرسائل والحكي والمحادثات الكتابية مع مطابقتها لمعلومات طلبها في استمارتين طويلتين قبل ذلك، وكانت النتيجة مريعة وصادمة، لكنني لم أستطع البكاء أيضًا، وكل هذه النتائج التي ساقها لم تنجح في انتزاع حبك من قلبي، وأشعر أن كل ذلك تمثيلية سخيفة ستنتهي في وقتٍ ما بمساعدة الصبر والصلاة والدعاء، أنا لا أصدق أنك لم تحبني حقًا ولا أصدق أنك كذبت أو أخلفت عهدك، لكنني أصدق أن هناك شيئًا أو ظرفًا -لا أعرف ماهيته- سيستمر لوقتٍ محددٍ ثم سنعود معًا.. لا أعرف متى لكنني أصدق أن ذلك سيحدث.
عدتُ إلى عملي وانشغلت بتقرير انتهيتُ منه سريعًا ثم ذهبتُ لتدريم أظافر يدي، لقد صارت أظافري طويلة لأنني ما عدتُ أكترث بالعزف على البيانو وما عدتُ أهتم بذلك، وعندما قامت عاملة الصالون بتدريم أظافري كنت أفكر في الحلم بينما تحكي هي لي عن قصة حبها لزوجها التي استمرت 14 عامًا، وبعدما انتهت من طلاء أظافري أخبرتني أن يدي جميلتان.. ابتسمت وتذكرتك في كل مرة أطبقت براحتك على يدي وأخبرتني أنك تحبني كثيرًا، تذكرتُ أنك أخبرتني أن يدي جميلتان..! :)
في قرارة نفسي تمنيتُ لو أننا بقينا معًا، كان لدينا عالمٌ موازٍ.. يسعنا.. فقط.. واسع بما يكفي لتطير فيه محققًا حلمك أن تكون «عصفورًا».. وضيق بما يكفي لأنه لا يتسع لآخر معنا..!
أحبك.. وأنتظرك.. اليوم أيضًا..!!
شيماء