الجمعة، 30 ديسمبر 2011

الفاتورة الشخصية .. 2011




على الهامش : 
هذه مقتطفات من دفتر المذكرات البنفسجي الموجود في الدرج الثالث في دولابي  :) 


يناير .. 
الألم يتغلب على برد الشتاء في تفتيت عظامي .. 
المستشفى .. 
أسرة بيضاء ، ستائر وردية مخططة بالأبيض أو بيضاء مخططة باللون الوردي  ، رائحة المطهرات ..
و كانت أول جراحة أجريها في حياتي ..!!
كنت أقول دائمًا أنني أخاف الجراحات ، و لا أعتقد أنني سأتحمل أن يشق جسدي مشرط ، لكن المفاجأة هي أنني استطعت أن أفعل ذلك !!
و تحملت إبر الكانيولا التي كان يتغير مكانها كل ثلاثة أيام .
لولا أصدقائي الذين كانوا يسرفون في إهدائي الورود و الشيكولاتة و الكعك بحنان بالغ لما استطعت أن أتغلب على كل هذا الألم  ، فالحمدلله الذي منحني ما يعينني على الصبر .

فبراير .. 
لازالت زيارات أصدقائي مستمرة ..
لا أستطيع الحركة ، الكرسي المتحرك كان مشكلة أخرى ، أشعر بالعجز  بالرغم من أن الجراحة في ساق واحدة ، أشعر بالملل الشديد و لا أعرف ماذا أفعل سوى القراءة ، ماعدتُ أستطيع حتى الكتابة ، مزاجي سيء .
لم أتخيل أنني سأتعلم أن أحقن نفسي بالإبر أبدًا ، لقد تعلمتُ أن أحقن نفسي بالإبر التي تمنع تجلط الدم في ساقي المصابة نتيجة لقلة الحركة ، أحقن نفسي مرتين يوميًا ، لم أكن أحب الإبر أبدًا ، لكنني الآن إن لم أحبها ، فربما يتجلط الدم بساقي في كتلة صغيرة  ، و ربما تتحرك الجلطة إلى قلبي .. و أموت !!
كل الأحداث و الأشياء تشبه بعضها ، أنا أقف على الحياد من الحياة نفسها ، ربما لأنني استطعت غربلة الذين أعرفهم طوال يناير ، لأن الألم يفتح العينين ، الألم يجعلنا أكثر قدرة على رؤية الناس من داخلهم .

مارس ..
أول يوم في مارس ، جراحة أخرى .. 
إزالة هذا المسمار الكبير الذي يمنع حركة الكاحل ، شقٌ صغيرٌ بمخدر موضعي ، ثم خرجتُ و أنا على الكرسي المتحرك أيضًا ، أنا متعبة للغاية ، و لا أستطيع أن أتغلب على الألم .
عدتُ إلى المنزل ، ممارسة التمارين الجديدة كانت تشكل نوعًا من المشقة ، فلا أنا أستطيع أن أحرك مفصل قدمي ، و لا أستطيع أن أتحرك أيضاً ، و لكنني حاولت ، لتقليل الورم الذي تكون بعد الجراحة .
لازال فقدان الذين أعرفهم مستمرًا ، يبدو أنني لم أكن أعرف أحدًا أصلًا .. !!
الدائرة ضاقت .. و تقلص عدد الواقفين حولي .. و لازلت أقرأ .. !!
رواية رائحة القرفة .. هذه الرواية تتحدث عن حالة فريدة من الاستغلال الجسدي .. مكتوبة ببراعة ..!!

إبريل .. 
قرأت ثلاثية أحلام مستغانمي للمرة الرابعة تقريباً ..
أنا واقعة في حب خالد بن طوبال .. لا رجل يعشق بهذه الطريقة ، و أراهن أن خالد بن طوبال هذا عاشق لأنه كائنٌ حبري صنعته امرأة ، فالمرأة الكاتبة تستطيع رسم الرجال المثاليين ببراعة بالأحبار ، كأننا حين نكتب عن هؤلاء المثاليين ندفن فيهم إحباطاتنا المتتالية ، و نخلط فيهم الصور التي أحببناها في خيالاتنا المتقدة ، حين نمتلئ بالرغبة و الجنون و الحاجة إلى بطل عاشق .
صرتُ أخاطب خيالي كثيرًا ، حتى قفز هو من بين ذكريات الماضي الكثيرة ، و من بين فترة كانت براءتي فيها أقل بكثير من خبراتي ، كأنني أحاول استعادة نفسي فيه ، أحاول أن أتشبث بجزء أخير مني خفت أن أفقده ، جزءٌ اعتقدتُ أنه يخصه ، و لن يكون بمأمنٍ إلا معه ، بدأت مشاعري في استرداد حياتها ، بدأت صحتي تتحسن ، و أنا أتغذى على الأمل .. !!

مايو .. 
قارب علاجي على الانتهاء، صرتُ أمشي بمساعدة عكازات ، صارت الحركة أكثر سهولة من ذي قبل .
عرفتُ أن أحد أصدقائي سيذهب إلى بلده الآسيوي للزواج بفتاة أحبها عمره كله و لكن أهله لا يوافقون عليها لأنها ليست مثلهم ، لا تنتمي إلى طبقتهم لأن أهلها فقراء عاملين ، بينما أهله أصحاب الأرض و المال . 
و قد ذهب إحسان - اسم صديقي هو إحسان - إلى بلده تاركًا عمله و حياته كلها و راتبه الكبير لأنه يرغب في إنقاذ فتاته الضعيفة الجميلة البسيطة للغاية ، و استطاع بعد كل هذه السنوات أن يتزوج بها ، فقد كان حبه للفتاة كبيرًا ، كان إحسان يبدو عاشقًا مثاليًا  أيضًا ، يشبه أبطال الأفلام الرومانسية ، و أجمل ما فيه ابتسامته ، لأنه ربما لا يبتسم إلا في طفولة من قلبه الذي كان حزيناً للغاية .
شجعته على اتخاذ قراره ، شجعته على أن يذهب ، لأنني أردته أن يلحق بحلمه ، و المال و الوظيفة و كل تلك الأشياء سيسهل تعويضها فيما بعد ، أما الحب الذي عاش فيه نصف سنواته الثمانية و العشرين فلا أعتقد أنه سيستطيع أن يعوضه !!

لازال مجتمعنا لا يفهم ذلك ، مجتمعنا يلحد بالحب و يسمي الرغبة و الغريزة حبًا ، مجتمع يخلط و يشوه المفاهيم الجميلة ، و يمجد الجهل و الدونية .

يونيو .. 
عدنـــا إلى العمل .. 
صرتُ أمشي ببطء دون الحاجة إلى العكازات .. 
تم نقلي إلى قسم المناقصات ، حيث الفجوة كبيرة للغاية بيني و بينهم ..!!
حاولت أن أغير أشياء كثيرة ، حاولت أن أحسن أشياء كثيرة .. لكنهم مختلفون .
و فجوة الاختلاف بيني و بينهم كبيرة ، ففي هذا المكان الجديد ، يتحدث الجميع عن الجميع ، و يحقد الجميع على الجميع ، أشخاص تملأهم طاقات سلبية ، لدرجة أنك إن دخلت المكان  ، شعرتَ بانقباض صدرٍ و ضيق !!
الكراهية تملأ الجو بموجات سلبية ، تؤثر على كل شيء يحيط حولنا ، و هذا شيء لن يتغير ، و القبح الداخلي الغريب الذي يتمتعون به لم أره في مكان واحد بداخل كل شخص بهذا الشكل من قبل !!

أشعر بالإحباط .. و لكنني أكرر محاولاتي للاندماج معهم  .. لا أريد أن أشعر باليأس الآن .. نعم .. سأحاول !!

يوليو .. 
أنا في الحادية و الثلاثين الآن .. 
لقد كبرتُ بسرعة .. !!
لا أعرف لماذا لا أصدق أنني كبرت فعلاً .. !!
لم أحصل على أية هدايا هذا العام باستثناء هدية شقيقتي التي تمثلت في حقيبة ثمينة من القماش و جلد الثعبان  بالإضافة إلى قيام والدي بإجراء صيانة لسيارتي في الوكالة .
لم أعتقد في حياتي كلها أنني سأصل إلى الحادية و الثلاثين و أنا وحدي .. 
أعرف أن هذه فكرة كئيبة لا تتناسب و يوم ميلادي ، لكنها تميل إلى الحقيقة ، أنا وحدي تمامًا ، تحتاج روحي إلى ملجأ عاطفي ، و تحتاج نفسي إلى سكن حقيقي ، أحتاج أشياء كثيرة ، و أعرف أنني سأنغمس في الحزن إن بدأت في إحصائها ، و لأنني أكره الحزن و لا أراه ثقافة مناسبة ، اخترت أن أحصي كل النعم الجميلة التي تحيط بي من كل جانب ، أنا لا أريد أن ألتصق بالحزن ، و أكره أن أصير حزينة ، فالحزن خانق للغاية , و لكنني أغضب لأن الغضب صحي و مفيد .

أغسطس .. 
سبحان ذي الجبروت و الملكوت و الكبرياء و العظمة .. 
نحن في رمضان ..
رمضان .. الشهر الوحيد من العام الذي أشعر بالرحمات تتدفق فيه من السماء إلى الأرض ، و أشعر فيه بالكثير من الإيجابية ، فالخير الذي يغسل الناس من الداخل يملأ العالم بالموجات الإيجابية ، و هذه الموجات الإيجابية تجعل العالم مكاناً أفضل.
أصلي و أبكي .. 
أدعو أكثر .. 
اللهم إنك تعلم .. !!

سبتمبر .. 
لازالت الحرب الباردة في العمل مستمرة .. 
أنا أتيت من بيئة مختلفة ، حيث يعمل الفريق كله على تحقيق هدفٍ واحد ، أما في قسم المناقصات فالأمور تختلف .. 
فلا أحد يخبر أحدًا بأي شيء .. 
كل شخصٍ يحاول أن يستأثر لنفسه بأي نصر بسيط - إن وجد - و من أجل هذا  ، يفشلون في أشياء كثيرة ، الأنانية الشديدة و الكراهية المطلقة ، و هذا الجو المشحون بالسلبية لن يثمر إلا عن المزيد و المزيد من الفشل ، و المزيد و المزيد من الإخفاقات و الاختناقات و الصراعات الفردية الخفية .

الاختلاط بهم مؤلم .. 
و لا أفهم حتى الآن كيف استطاعت إدارة الشركة تجميع هذا العدد من الأشرار - و هذا وصف بسيط لطريقة تفكيرهم - في مكان واحد و في قسم هام كقسم المناقصات ..!!

أكتوبر .. 
أجازتي السنوية .. 
لم تكن الأشياء كلها جميلة ، و لكنني اشتريت عددًا لا بأس به من الكتب ، أنا أحب الكتب .. 
غلب إحساسي بالبرودة أية أحاسيس أخرى .
بقي جزءٌ دافئٌ وحيدٌ في أكتوبر .. 
و هو أنني استطعت أن أقضي مع صديقتي منى أربعة ساعات .. كنا نضحك و نتكلم  ، كانت أول مرة أقابل فيها منى ، منى بالمناسبة شخصية بشوشة و جميلة و مرحة ، و لن أنسى أنها كانت من أهم مزيلات الألم في بداية السنة ، و لولاها لما استطعت أن أتعدى فترة من أحرج فترات حياتي و أكثرها خشونة .
جزءٌ آخر .. متعلق بأكثر النساء رقة على الإطلاق .. لقد شربت القهوة المثلجة مع غادة خليفة !!
لقاء غادة خليفة الفنانة متعددة المواهب كان من أجمل أوقات حياتي ، غادة مليئة بالفرح ، أنثى وردية للغاية ، ابتسامتها جميلة ، شخصية دافئة ، تفكر بسرعة و تتحدث بترتيب و تلقائية ، غير أنها حنونة للغاية ، فكل ما تفعله تفعله بحنان و أمومة ، لم أرَ في حياتي من هي أكثر رقة و دفئًا من غادة .
سيبقى الأناناس الذي أكلناه في الشارع شيئاً مميزًا .. و ستبقى هي من أجمل اللاتي عرفتهن على الإطلاق .

نوفمبر .. 
لقد عاد قلبي إلى الاضطراب .. 
حلمٌ آخر في طريقة إلى التشكل .. شخصٌ ما بدأ ينثر ورودًا في طريقي ، مرة أخرى .. أحلام و أشياء جميلة لم أكن قادرةٌ على امتلاكها يومًا .. لا أعرف ..!!
أخاف أن أسرف في الحلم فلا يختلف عن كونه عابر ليس أكثر ، و أخاف ألا أبدأ في الحلم فأفقده .. !!
نوفمبر لونه رمادي ، و كأنه يقف على الحياة مثلي محايدًا ، فلا هو شتوي و لا خريفي و لا صيفي و لا يمت إلى الربيع بأية صلة ، لهذا أحبه ، أحب نوفمبر لأنه مثلي .. ربما أنه تائه و مشوش و فاقد للكثير من المظاهر ، لا تستطيع أن تحدد إن كان ممطرًا أو حاراً أو باردًا أو معتدلًا !!

و بالنظر إلى نوفمبر ، فأنا أحب مواليد برج العقرب .. لا أؤمن بالأبراج عادةً  ، لكن مواليد نوفمبر لهم معزة خاصة في داخلي ، فهم عادةً مهتمين بالثقافة و القراءة و الفن و مثيرين للاهتمام .. و عدد كبير من الذين أحبهم ينتمون إلى برج العقرب ، كابن اختي الصغير .. "أحمد" .
فكأن نوفمبر خلق ليولد فيه كل هؤلاء الدافئين الطيبين الذين أحبهم .. :)  .. (هذه إبتسامة لن يفهمها سوى قلائل ) .

ديسمبر .. 
اكتشفت في هذا الشهر الأخير .. 
أنني طفلة !!
أنا أحتاج إلى الاهتمام من المحيطين بي بصورة دائمة ، و أريد أن أصير دائمًا  في بقعة الضوء ، و أريد أن أصير الطفلة المدللة دائماً .. 
و أحتاج إلى الكثير من الجهد للحفاظ على مزاجي من التغيير .. و هذا يجعل الناس يكرهونني عادةً !!
في أحيانٍ كثيرة أشعر بأنني بغيضة ، و أنني أشجع الناس على كراهيتي أكثر  ..!!
قلائل يتفهمون طبيعتي تلك و يستطيعون التعامل معها بمرونة ، و يستطيعون احتواء مزاجاتي المختلفة دون جهد .. !!
و أخي "أحمد" أفضل من يقوم بذلك ، تليه صديقاتي سماء و سارة و منى  ...!
من أجمل الأخبار التي سمعتها هو أن الجميلة نهى محمود صاحبة الانتاجات الأدبية الرائعة و الجوائز الأدبية البراقة تمت خطبتها منذ ساعات قليلة إلى شخصٍ رائع ، مثلها تمامًا و نهى تستحق كميات كبيرة مركزة من السعادة و الحب ، أسأل الله أن يهب نهى المزيد و المزيد من الفرح .


إليه : 
و أحاول أيها الغريب .. 
أن أصنع لنفسي قلبًا ..
لم يرتد عن مفهوم الحب ..
لم يضِق بجراحه المزدحمة .. 
و لم يذبح فوق مقاصل الوعد ..
لم يفقد ذراعيه في المعارك .. 
فقط .. 
ليحتضن ابتسامتك .. !!





الجمعة، 23 ديسمبر 2011

حَديثُ ذاتْ .. 3





استرخاء .. استرخاء .. استرخاء . .
صرتُ أسمع هذه الكلمة بشكل يومي منذ شهر و زيادة .. 
كلهم يقولون :
" أنتِ تحتاجين للاسترخاء .. "
" حاولي أن تحصلي على استرخاء مكثف .. "
"أنتِ متعبة .. لماذا لا تفكرين في الاسترخاء قليلًا .. "
و قد كان .. 
حاولت أن أسترخي قليلًا ..
لكن كيف ؟؟
أنا أرى الجثث و الدماء و النعوش في أحلامي كل ليلة ، و أشعر بأنفاس ثقيلة لأجساد تموت ، أشم رائحة دماءٍ طازجة و دخان أجساد تحترق و أركض في شوارعٍ لا أعرفها ، و أهرب من رصاصات تكاد تخترق جسدي ، و أبكي مختبئة في أزقة ضيقة مظلمة ، و أناس لا أعرفهم يتساقطون حولي ، و أنا أناديهم  و أصرخ بأسمائهم كأنني أعرفهم .. " حسام .. محمد .. مصطفى .. " 
أفيق من نومي مجهدةً كل يوم ، و أشعر بصداع كل يوم ، و أذهب إلى عملي كأنني لم أنم ، و تتردد في رأسي مشاهد الكوابيس طوال ساعات النهار .
في محاولتي للاسترخاء ، لم أذهب إلى العمل منذ الأمس ، مكثتُ بالمنزل ، توقفتُ عن متابعة الأخبار و برامج الحوار ، و حاولت أن أمضي الوقت مع الموسيقى و أن أحاول استكمال رواية بدأت في قراءتها ، لكن عقلي لم يتوقف عن العمل ، فعلقت حسابي على تويتر ، و توقفت عن متابعة الصحفيين و الناشطين .. و لكن لا مفعول .. لا شيء .. فقط المزيد من القلق لأنني لا أعرف شيئًا !!


استيقظت اليوم بنفس الصداع ، و نفس الكوابيس و نفس الأفكار .. 
حاولت إخراج نفسي من هذه الدائرة .. فشربت القهوة ، تناولت الإفطار مع والدتي ، و جلسنا نتحدث قليلًا .. 
فتحت بريدي الإلكتروني لأرد على بعض الرسائل اتي أجلت الرد عليها ، أعرف أنني كسولة فيما يتعلق بالرد هلى الرسائل الإلكترونية ، و أشكر أصدقائي على احتمالهم لتأخيري في الرد على رسائلهم ، فأنا مزاجية سخيفة و طفولية حساسة يصعب علي كثيرًا دفع نفسي إلى الرد على الرسائل .. !!
وجدت في بريدي الإلكتروني إعلانًا عن عرضٍ أول لفيلم في الرابعة عصرًا من مساء اليوم ، و قررتُ أن أذهب فحجزت تذكرة ، أردتُ أن أذهب لأنني أرغب في أن تفرغ رأسي من صورة الموت المتكرر و رائحة الدماء و البارود ، أردت أن أنغمس في أي شيء مختلف ، و كنت قد اتفقت مع أصدقائي على أن نذهب معًا يوم السبت ، لكنني أردتُ أن أكون وحدي ، أحتاج إلى الجلوس في الظلام ، و احتجتُ أن أنغمس في في أحداثٍ ليست حقيقية و أناس ليسوا حقيقيين ، و موسيقى صاخبة ، أردتُ أن أنفعل و أن أندمج و أن يخطف أنفاسي حدثٌ مفاجيء ، أن أذوب تمامًا في عالم افتراضي .. 
اتصلت بي إحدى صديقاتي و سألتني : ماذا ستفعلين اليوم ؟؟
قلت لها : سأذهب لأشاهد فيلمًا .. 
فجاء صوتها ضاحكًا : أي فيلم ؟؟
فقلت : دون .. الجزء الثاني ..!!
فأجابت بسرعة : ستذهبين لرؤية فيلمٍ عنيف لأنك مللتِ أحداث العنف !! أي منطقٍ هذا !!
انتهت المكالمة سريعًا لأنني لا أريد أن أجيب عن نوع المنطق الذي أفكر به ، أنا غير منطقية عادةً ، أفكر بطريقة غريبة ، و أعرف ذلك ، و لا أحتاج إلى أن يخبرني بذلك أحد !!






ذهبتُ و شاهدت الفيلم ، و الحق يقال ، كان الفيلم رائعًا ، أحداثٌ جيدة ، سيناريو قوي ، مؤثرات صوتية و بصرية في غاية البراعة ، تمثيل و أداء جيدين للغاية ، كل الأشياء تبدو جميلة ، كان اختيار الألوان و زوايا التصوير شديد الحرفية و الجمال .
مشهدٌ واحدٌ فقط لم يعجبني .. لم يراعِ فيه المخرج اختلاف المقاييس الجسمية و البنية الهيكلية للوجه و الجسد لكل من البطل الرئيسي شاه رُخ خان و بديله النجم ريثيك روشان .. فالفرق واضح .. و هذا جعلني أشعر أن الفيلم يستحق أربعة نجومٍ فقط من خمسة نجوم  .
انتهى الفيلم في السادسة و النصف مساءً .. 
طوال فترة العرض ، و أنا أشاهد بعيني ألوانًا كثيرة ، بينما تدور برأسي ألوان الدم على قمصان الشهداء ، و أسمع كلمات كثيرة ، يسجلها عقلي سريعًا ، في محاولة للتغلب على صوت أم ثُكلى في خلفية صورة داخلية حزينة .. كان عذابًا من نوعٍ آخر !!
خرجت من العالم الافتراضي الملون إلى عالمي الأحادي اللون مرة أخرى .. 






مشيت بضعة خطواتٍ إلى مقهى يقدم لفائف القرفة و القهوة ، تناولت القهوة الثقيلة ، لكنني لم أشعر بمرارتها ككل مرة ، بالرغم من أنه نفس المقهى و نفس الكرسي الأحمر و نفس الطاولة البنية المستديرة و نفس النادل النحيل المبتسم دائماً ، ربما لأن المرارة بداخلي تفوقت على مرارة القهوة ، لم تفلح لفائف القرفة القليلة السكر في إضافة أي طعم إلى أي شيء .. !!
مشيتُ في خطواتٍ بطيئة نحو باب المجمع التجاري ، و حاولت أن أتذكر أين أوقفت سيارتي .. !!
مشيتُ بين الأرصفة بموقف السيارات و أنا أبحث حتى وجدتها .. 
عدتُ إلى المنزل .. لأستمع إلى الأخبار مرةً أخرى ، و فتحت حسابي على تويتر لأتابع الآخرين ، و تصفحتُ عدة مقالات في جرائد مختلفة ، و شاهدتُ عدة فيديوهات .. 
ثم جلست لأكتب .. و أحسبني انتهيت !!
تصبحون على خير .. أو على أي شيء جميل .. يستحق الحياة من أجله !!





الاثنين، 19 ديسمبر 2011

عندما يصيرُ الحُزْنُ واجِبًا .. إليهِنَ





أخواتي الحبيبات .. 

إن لم أكْتُبْ بَعْدَ أن انتُهِكَت الحرمات .. و اخترقت كل العادات و القيم و الأخلاقيات ، فما حاجتي إلى الكتابةِ إذن ؟!
و إن لم أحزن من أجلكن .. فما حاجتي إلى الحزن ؟؟ 
ما حاجتي إلى الكرامة ؟؟ 
ما حاجتي إلى الإنسانية و ما حاجة الإنسانية إلى أمثالي ..!!
أشعر بحجم المهانة  التي تعرضتن لها تحت عصي الجنود ، و تحت أقدامهم .. و أعرف حجم الألم الذي سببته أحذيتهم الثقيلة و ضرباتهم شديدة الغل على أجسادكن الرقيقة .. أستشعر الألم في صدوركن و ظهوركن و جوانبكن .. 
أعرف أن هذا النوع من الإهانة يصعب التعايش معه ، و أعرف أنكن على قدر كبيرٍ من الشجاعة سيمكنكن من الوقوف مرة أخرى و من المطالبة بحقوقكن مرة أخرى .. و سترفعن رؤسكن .. لأنكن حرائر .. و لسن جاريات .. في سوق رق !!

يا حبيباتي ..
شجاعتكن هذه ستكون سلاحاً ، ضد النخاسين و الساسة  ..  و مبتغي تحويلكن إلى سلع و عورات و جوارٍ منزلية !!

أعرف رجالًا و نساءً من ثقافات و بلاد أخرى ، غلت الدماء في عروقهم جميعاً بعد الصور و الفيديوهات التي انتشرت عبر وكالات الأنباء بلغاتٍ عدة ، و أقابل أعدادًا منهم كل يوم في عملي ، و كلهم يسألون سؤالًا واحدًا  .. 
( كيف حالهن .. ؟؟ )
و إجابتي واحدة : سيكُنَّ بخير .. !!
نعم .. ستصرن بخير .. أنا أعرف ذلك .. و أكاد أوقن به حد يقيني بالعقيدة .

لم يشمتَ بكن أحد .. 
و لم يركن أحدٌ عاريات ..  لكن حقيقة من اعتدوا عليكن كانت عارية .. عارية حد الذل و الفحش و العهر و الدناءة و البدائية .
لم يلاحظ أحدٌ انتزاع حجاباتكن و سقوطها من فوق رؤوسكن .. لكنهم لاحظوا شجاعتكن و قوتكن و إقدامكن ..
لقد سترتكن عيون العالم كله ، كل هذا العالم تعاطف ، و انفعل ، و أعجب كثيراً بكن يا حرائر مصر الحبيبة .

لا تلتفتن للعانين و السبابين و قاذفي المحصنات ، لا تلتفتن إليهم ، أنتن طاهرات و غاليات و جميلات و عفيفات .
و هؤلاء من فرط الضعف و الجهل و الطمع يسبونكن و يلعنونكن .. لأنكن تفعلن ما لا يجرؤون على فعله .. إنهم الجبن و الخوف و قلة الحيلة !!
أنتن أقوى بكثير مما تعتقدن .

الجمعة، 9 ديسمبر 2011

الشق الهوسي .. من حبك




في وسط كل الزحمة دي .. انت لسة موجود .. !!
و لسة بحاول اطلعك من راسي .. بأي شكل ..  لدرجة اني فكرت أكسرها عشان أطلعك منها و اللي يحصل يحصل ..
عامل لي صداع رهيب .. و مضايقني أوي .. 
مش عشان انت مش كويس .. و مش عشان تعبتني .. لأ .. السبب مختلف ..
إنت الشق الهوسي الوحيد في شخصيتي .. !!
عاوزة أتخلص من الهوس دة .. عاوزة أبطل أعد كلامك اللي قلته و اللي هتقوله و اللي بتقوله في راسي طول الوقت ..
عاوزة أنسى .. 
أنا مش قادرة افتكر حياتي كانت ازاي اصلا من غيرك .. 
تعبت اوي .. 
باشوف خيالك في كل حتة بالرغم من اني مش حافظة شكلك كويس .. 
و بحاول أتغلب عليك بقوتي كلها .. مش عاوزة أحلم بيك أكتر من كدة .. انت زي السراب .. و انا لسة متخيلة اني هاقدر امسكك !!
تعرف .. 
النهاردة حصلت معايا حاجة غريبة اوي .. 
و اتاكدت منها بمقولة بتقول :
ان الناس اللي انت بتقرر تنساهم .. بيحاولوا يوصلوا لك و يفكروك بنفسهم في نفس اللحطة اللي انت قررت تنساهم فيها ..
دة حصل معايا النهاردة .. !!
افتكرتك .. بالرغم من اني مش فاكرة اني نسيتك .. 
انت في بالي على طول ..
في الاول كنت بتجنب اي حد يقطع عليا وحدتي عشان بابقى عاوزة اسمع صوتك جوايا بهدوء .. 
لكن دلوقتي .. بحاول اقعد مع اي حد و اتكلم مع اي حد في اي حاجة حتى لو انا مش مهتمة بيها عشان ماتبقاش موجود وسط الكلام ..
و فجأة باسكت لما بسمعك بتنادي عليا من جوايا تاني .. و مابقدرش اركز تاني في اي كلام كنت باقوله ..
طول مانا ماشية في الشارع باشوف علامات كتيرة اوي .. 
باسمع اغنية انت بتحبها بالرغم من انها قديمة في كوفي شوب المفروض انه مابيشغلش الا مزيكا لاتينية !!
باسمع اسامي البنات اللي انت بتحبها .. طول الوقت في بنات معدية .. اسمهم منة و منات و سهى .. !!
الشيكولاتة اللي بالنعناع .. مزاجك المفضل .. بتتباع طول الوقت في كل المحلات بتاعت هدايا الكريسماس .. بالرغم من انها كانت بتبقى نادرة اوي قبل كدة !!
الاسكارفات اللي انت بتحبها .. بالألوان اللي انت بتحبها .. موجودة في دبنهامز اللي عمره ما عرض اسكارفات رجالي قبل كدة !!
تتبع أثرك محاولة فاشلة اوي .. و في أمل ضعيف جداً .. 
ان انت كمان .. تكون بتفكر فيا بنفس الطريقة .. بس مهما وصلت  .. عمرها هتكون بنفس الهوس ..!!
__________

ملحوظة و منعًا للخلط .. 
اللي مكتوب عشانه الكلام دة .. عمره ما هيعرف يقراه بالعربي .. من غير ترجمة .


الاثنين، 5 ديسمبر 2011

حَدَثَ .. في عَاَلَمٍ مُوازٍ




بينما الحوريات تحمل قرابين الدم للصب في لون العلم الأول ، كانت الحمامات تجمع نفسها في منتصف الراية , فوق بياضهن نسرٌ ينظر في إتجاه آخر، و لم تستطع الحمامات إزاحة اللون الأسود الذي ترتديه أمهات الشهداء عن الثلث الأخير  .. من نفس الراية !!
قالت أنها تشم رائحة المسك في ثلاجات المشرحة بينما كانت تتحدث في هاتفها تطالب الآخرين بشراء نعوشٍ و أكفان ، ترددت في أذنيها جملة أخيرة لجسد تغادر روحه .. جملة تقول : " قولوا لماما إني آسف إني مارحتش المدرسة النهاردة و جيت التحرير .. "
و كانت حال أمه أسوأ كثيرًا من أن تقبل اعتذاره ..!!