الجمعة، 3 يناير 2014

حديثُ ذات.. 21



البعد عن الكتابة مفيد أحيانًا..
لكنني إن ابتعدت عنها فإننا لا أكاد أعرف نفسي.. أنا أختلف تماماً في البعد عن الكتابة.
الكتابة هي البوصلة.. حتى وإن كانت سببًا في ملاقاة عدد لا بأس به من الفضوليين والمرضى وذوي المشاكل.. أنا أحب الكتابة أكثر من البيانو.. وقد جرت علي الكتابة الكثير من الضرر.. لذلك أفكر جديًا في تركها.. لكنني لا أستطيع.
كنت قد تركت القراءة منذ فترة قصيرة، ما عدت أحب الروايات والدواوين.. وتخلصت من عدد من الكتب التي عندي، لأنني شعرت أنني لا أحتاج إليها.. كل الذين كتبوها ماتوا.. أو عاشوا في خيالهم ولم يستطيعوا محاكاة الواقع فخدعونا بعوالمهم الزائفة، وقد أكل هذا الكثير مني.. 
انتهى العام الماضي الغارق في العبث والمرض والمعاناة، ولا أعتقد أني رأيت أسوأ من ذلك في حياتي، ولن أنسى عذوبة نوفمبر وقسوة ديسمبر.. الذي قرر أن ينتزع مني ما كان لي في نوفمبر.. وكانت كل الأشياء سريعة.. فلم أنتبه إلى ما وجدت لأنتبه إلى فقدانه..!
لازالت العزلة هي الخيار الأفضل.. العزلة ثم العزلة ثم العزلة..  في مجتمع يعج بالمرضى الأخلاقيين والنفسيين.. العزلة دائمًا هي الحل الوحيد.

أشاهد الرسائل التي يرسلها إلي الآخرون لكنني لا أعرف كيف أجيبهم.. أقرأ رسائل الناس إلي لكنني لا أعرف كيف أجيب عنها، فالفتيات اللاتي يسألنني عن الحب أخطأن في العنوان، أنا أقل الناس حظًا في الحب على الإطلاق وكنت أعتقد أن الإيمان بالحب يجعله يتحقق، لكنني صرت على يقين أن الإيمان بما لا دلائل له يعد ضربًا من الدروشة.. التي لا أستسيغها ولا أحبها.. وقد ضاع عمري في تصديق الحب واكتشافه.. ثم تأكدت في نهاية الأمر أنه لا وجود له في السيناريو خاصتي الذي أعيش بداخله.. فأنا ورثت لعنة سيزيف ولكن بشكل مختلف.

أخاف أن أجيب على الرسائل فأقول أن الحب موجود، فتظن الفتاة أن ما تراه من «الآخر» هو الحب، وربما يكون الآخر من إفرازات هذا المجتمع البارد، مريض يحتاج إلى توكيد ذاته أو رجولته بفتاة، فتسقط هي في حبائله لأني أخبرتها أن الحب حقيقي وموجود بالرغم من أنني لم أره.
وأخاف أن أقول أن الحب غير حقيقي لأخرى، فيكون الآخر في علاقتها صادقًا أو عاشقًا، فتخسر هي كنز كبير من الراحة والوفاء والدفء لأنني أخبرتها أن الحب غير موجود وأنني لم أره.
أرغب في العام الجديد أن تتوقف الفتيات عن استشارتي في أمورهن العاطفية، لأنني لا أستطيع أن أفتي أحدًا، لا أستطيع ان أخبرك إن كان «الآخر» يحبك أو لا.. لا أستطيع.. فقط خوضي التجربة بنفسك، فربما تكونين من «السعداء» الذين لا أنتمى إليهم.. أو ربما تنضمين إلى فريقي المنعزل الفخور بفشله العاطفي، الذي ينتظر أن تأتي مصيبة فينتهي هذا العالم البغيض الكريه.

في أحيانٍ كثيرة، أفكر في الموت.. وأعرف أنه في وقت ما عندما أموت، سيتم السماح لي بالجلوس فوق سحابة ومراقبة هذا الكوكب وأفراده، ثم الضحك بسخرية مما يفعلونه ببعضهم، ثم أشير إليهم بأصابعي وأقول للجالسين فوق نفس السحابة من مظلومي هذا الكوكب: «انظروا إلى هؤلاء التافهين عديمي القيمة.. انظروا إلى المخادعين.. أنظروا إلى محطمي القلوب.. أنظروا إليهم جميعًا..» ثم أبكي قليلاً وأعاود الشكوى إلى الله..!

لم ينقذني شيءٌ في هذا العالم إلى الآن سوى رحمة الله، وأحيانًا أقول لنفسي أن ما ينقذني من الناس كثيرًا هو ممارسة الرحمة كلما استطعت.. طوال الوقت، لأن الراحمون يرحمهم الله.
كنت أريد أن أكتب إلى سانتا هذا العام، لكنني سحبت الرسالة، لأنه كذاب ولا يأتي ولا يحقق أية أمنيات.. ويبدو أنه ذو جينات ذكورية شرقية صميمة.
لي طلب أخير: لا أريد نصائح من أحد.. لا أريد أية نصائح.. ولا يحدثني أحد عن حكمة الله.. أنا لا أحتاج إلى تعريفاتكم..!
إنتهى.