أشعر بالضجر ، المكيف لا يعمل ، لدي مهام غير منجزة ، مدير يتذمر و آخر متطلب ، و ضوضاء تدخل من تحت عقب الباب و من ستائري الحديدية المسدلة في وجه الحرارة ، و إذا بي أتسلم رسالة بجوالي تقول :
"قرأت رسالتك الأخيرة لكِ نفس المكانة في القلب لكن الأيام تسير في الاتجاه المعاكس .. محبتي "
أنظر إلى الإسم ، و أحاول أن أتذكر ما علاقة هذا الرجل الآتِ من غياهب الماضي السحيق برسالتي الأخيرة ؟؟
يقطع تفكيري المفكك الخيوط طرق حذر على الباب ، ثم فتح مفاجيء للباب دون أن آذن بذلك ، يدخل ( ذكير ) حاملاً كوبي البرتقالي الجديد يتصاعد منه بخار طازج حار و انا أراقب خطواته نحو مكتبي المهمل جداً ، يضع الكوب امامي ،أنظر داخل الكوب كطفلة فضولية ، فإذا به كوب من الشاي الخضر بدون نعناع ، و أنا أكره طعم الشاي الأخضر بدون النعناع ، أبتسم لذكير نصف ابتسامة مذيلة بكلمة شكر مصطنعة جداً !!
أعود إلى الرسالة بجوالي و أحاول أن أجد مبرراً لخروج الميتين من التوابيت لملاحقتي و تعكير مزاجي السيء وحده ، ربما اكون انا السبب ، نعم ، انا السبب !!
فانا حمقاء حد النهاية من الحمق بأن أحب حتى الثمالة ، و أن أفقد عقلي تماماً تماماً حين أبدا في إدمان أحدهم بعيوبه و مميزاته ، بل أذكر أنني ركضتُ مسافات طويلة وراء الأسربة و الأحلام التي تركب بسوطاً سحرية .. أتحدى برد الشتاء و عواصفه الثلجية ، و ظلم الحر و تقلباته الترابية !!
فإذا بأحلامي تخرج لي لسانها في سخرية ، ثم يظهر وحشٌ عظيم دميم مكتوب على جبهته جملة شهيرة أكرهها تقول : " لن تنالي أي شيء ، اخبطي راسك في الحيط !!"
بل انني من فرط الحماقة أيضاً و السذاجة ، أضعت فرصاً حقيقية من اجل اوهامي المثالية المضحكة المؤلمة حتى البكاء !!
بدلاً من سب نفسي و شتمها ، و رصد نقاط ضعفها التي أعرفها جيدا ً، يجب علي أن أسألها ، عن أي قلبٍ يتحدث "هو" ؟؟
و أي مكانةٍ تلك ، التي تجعل الرجال يتركونني وأبذل الجهد الكبير في ترميم قلبي و نفسي ، لدرجة أنني في إحدى المرات دفعت لخروج أحدهم مني ألف ضعف ما قد أدفعه لشرائه هو شخصياً !!
فيمَ الكذبِ إذن ؟
أنا التي تدفع الرجال لممارسة غرورهم عليها ، فأنا أجعل منهم ملوكاً ، و أقيم لهم مدائن و أفراح ، و أضيء ليلهم كله كأحسن جارية في التاريخ ، و أكتب لهم ما يعزز قيمتهم ، و يشعرهم بسحرهم ، و أسمح لهم بالسريان في دمي ، حتى و إن كنت أعترف انني أبالغ أحياناً في بعض كتاباتي ، ألا أنني مخطئة و مذنبة جدا في حق نفسي ، انا مذنبة و أستحق أن أعتذر لنفسي بعصير ليمون أو برتقال مثلج ، بدلاً من هذا الشاي عديم الطعم الذي لا أريد أن أشربه ..!!
لا أريد ان أفقد أعصابي ، و لكنني أكره الأشياء التي لا نهاية لها ، لا أحبها !!
انا لستُ ماسوشية إلى هذا الحد !!
و لا أحب تعذيب نفسي ..!!
و لا أتخيل نفسي مربوطة بساقية لارضاء غرور أحدهم وقتما أراد و كيفما أراد ..!!
أعزائي الرجال القابعين في توابيت الماضي السحيق جداً :
" لم يستطع احد منكم أن ينجو بنفسه إلى مستقبلي ، فلا تبذلوا المزيد من العناء ، كل حيلكم لن تفلح معي ، و ظهوراتكم الكريمة لا أرغب بها ، و لا أريدها ، و لا تتنكروا في ثياب غيركم ، لأنكم تبدون مضحكين جداً ، و لا تغيروا أسماءكم لتعرفوا رأيي بكم ، لأنكم رائعون و انا لا أرقى لمستواكم في اللؤم أو الأنانية ..!!
أرجو منكم ان تستمروا في ممارسة ألعابكم الحياتية المملة ، و ان تتركوا لي الاستمتاع قليلاً بمشاعري الصادقة جداً مع آخر ، صادقٌ جداً ، مثلي تماماً ، ولا يشبهكم .. !! "