بسم الله الرحمن الرحيم ..
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ..
من المحتمل ان تكون الليلة هي آخر ليال شهر رمضان العظيم .. آخر ليلة للقيام برمضان .. تقبل الله الصالحات من أعمالكم ..
أنا لم أدرس الشريعة ، و لم أحصل على شهادات إجازة لتعليم القرآن او الحديث ككثيرين و كثيرات جزاهم و جزاهن الله كل الخير ، لكنني امرأة مسلمة ، أعتنق الإسلام بعزة ، و أفخر به ، و أحاول أن أقوم بفروضه كاملة دون انتقاص ، و أتقرب إلى الله سبحانه بكل سبيل ميسر إلي ، حالي كحال غالب المسلمين ، كان يجب علي أن أضع ملحوظة صغيرة ، و لهذا فضلت ان أكتب قبل نهاية هذا الشهر العظيم عن أمرٍ أقلقني و ضايقني ، قبل أن نتحول إلى حياتنا العادية و ننشغل بها .
أنا لا أفهم في السياسة كثيراً ، و هناك من هم أكثر قدرةً مني على الفهم و التحليل و الإتيان بنتائج و توقعات، و لكنني أقترب و أميل إلى الليبراليين سياسياً ، و أتفهم موقف العلمانيين و نظرياتهم ، و اليساريين و رغبتهم في العدل و الاشتراكيين و رغبتهم في الاصلاح و القوميين و رغبتهم في الرفعة و الريادة ، و تعجبني قدرة الإخوان على التنظيم و التواجد في المجتمع بطبقاته رغم اختلافي معهم أحياناً ، و أحترم إصرار السلفيين رغم أنني أحببتهم أكثر عندما كانوا بعيدين عن السياسة .
كل فصيل من أبناء هذا الوطن له طريقه و نظريته و رغبته في الارتقاء به ، ربما أن الناس يختلفون لكنهم لا يقتلون بعضهم ..!!
هذا هو المهم ، ان أختلف معك دون ان أقتلك .. و دون أن أنتزع عقيدتك منك في كلمات أكفرك بها ، و دون أن أدعي عليك بالكذب ..
هذا هو المهم ، ان أختلف معك دون ان أقتلك .. و دون أن أنتزع عقيدتك منك في كلمات أكفرك بها ، و دون أن أدعي عليك بالكذب ..
فوجئت كثيراً ، عندما تأكدت من أننا قوم لا نعرف كيف نختلف ، لأننا منعنا من الاختلاف مع أحد لمدة تفوق الخمسين عاماً هي مدة وقوع مصر تحت حكم عسكري طويل ، و لهذا ، فنحن نحتقر المختلفين عنا ، نكرههم ، ننبذهم و نبغضهم .. !!
كأن غريزة الاختلاف تم تعطيلها لأنها لم تستخدم أبداً ، فصارت بلا معنى ..!!
و كلنا يمارس السياسة للمرة الأولى بشكل حقيقي - او هكذا يبدو - فكثر التخبط و الخلط ، و لا عيب في ذلك لن كلنا سنتعلم معاً و سنخوض التجربة معاً إن كنا على قلبٍ واحد ، كأبناء وطنٍ واحد .
أبناء الوطن الواحد يعيشون تحت نفس الظروف ، فأرضك هي أرضي و دمك هو دمي ، و ما تراه أنت غالياً أراه انا أيضاً غالياً ، و كلنا أبناء مصر العظيمة ، أخوة من أم واحدة .. أجساد تكونت من تراب أرض واحدة ، و قلوب ارتوت من نيل واحد ..!!
بالأمس ، عرفت ان هناك إمام جليل - هكذا يجب أن أطلق عليه مادام يؤم المسلمين في صلاواتهم التي يتجهون بها إلى وجه الله الكريم - يدعو على الليبراليين و العلمانيين بنص يقول فيه :
«اللهم عليك بالعلمانيين والليبراليين ومن والأهم»
و أخشى بل أعتقد أن الشيخ لم يعرف أن وراءه كثيرين من العلمانيين و الليبراليين يقيمون الصلاة بإمامته ..!!
يا شيخنا الجليل .. أنت رجل مسلم أفترض فيك ان تكون مستنيراً ..!!
يا شيخنا الجليل .. أنت رجل مسلم أفترض فيك ان تكون مستنيراً ..!!
و بدلاً من أن تسبب فرقة في صف وطن فيه من المتصارعين ما يكفيه ، كان الأولى بك أن يكون دعاءك بالجمع و ليس بالفرقة ..
فتقول مثلاً :
"اللهم أكرمنا برحمة من عندك ، تهدي بها قلوبنا و تجمع بها أمرنا و تلم بها شعثنا و توحد بها صفوفنا .. و تبيض بها وجوهنا و تغفر لنا بها ما مضى من ذنوبنا ..
اللهم أعنا على إرساء العدل و العدالة بما يرضيك عنا ..
اللهم ردنا إلى صحيح ديننا رداً جميلاً ، اللهم ارزقنا الطريق القويم ، و يسر لنا الخير و اهدنا إلى ما فيه خيرنا و خير بلادنا و أمتنا على ضوء كتابك العظيم و سنة نبيك الكريم صلى الله عليه و سلم "
هكذا يكون الدعاء في مثل ظروفنا يا شيخ !!
هكذا يكون الدعاء .. !!
يقولون أن الشيخ قام بمسح الجزء الخاص بالدعاء على الليبراليين من أدعيته الموجودة بموقعه ، و هذا موقف شخصي أحسبه اعتذارًا مقَنَّعًا ، و لا عيب في أن يعتذر الإنسان أو يتراجع عن جرح أخوته .
و في النهاية ، نجد ان الأمر كله لا يتطلب أكثر من تفعيل دور الأزهر و الرقابة على المساجد لتحريم و تجريم خطب الكراهية ، و لتوعية الناس بصحيح الإسلام الوسطي ، الذين لا فيه إثم و لا قطيعة رحم و لا فرقة ..
و ليعلم الجميع .. أن هذا الوطن وطن واحد ، و لا يجوز لأي فصيل الاستيلاء عليه و نسبه لنفسه و إقصاء الآخرين عنه ، لأن دولة الظلم لا تقوم و إن كانت مؤمنة ..!!
و كل عام و انتم بخير .. نلقاكم في تدوينة العيد بإذن الله .
شيماء علي