الجمعة، 30 أغسطس 2013

حَديثُ ذاتْ.. 20



أخبرتني «داليا» منذ  خمسة أسابيع أن هدية عيد مولدي في البريد، وبذلك منحتني شيئًا أنتظره، لقد كنتُ أسأل حارس البناية التي أسكن فيها كل يومً عن البريد وكلما تحادثنا فكرتُ في الهدية واستحيت أن أسألها، وفي يومٍ اتصلت بي أمي صباحًا وأنا في العمل لتخبرني أن ساعي بريد دق الباب وأعطاها مظروفًا أبيض، فابتسمت وأنا أعرف أن «داليا» ستملأ المظروف ببعض الفرح من أجلي، وعندما عدتُ إلى البيت، جلست على ركبتي أمام طاولة القهوة لأفتح المظروف الأبيض، فوجدتُ فيه ديواناً مسموعًا، وصورة مقسمة كان مطلوب مني أن أقوم بتجميعها، وزهرة وردية من الكروشيه أستعملها كزينة للشعر، ويومها سجدتُ لله شكرًا على البهجة التي أرسلتها إلي «داليا»، وسقطت دمعتان من عيني على سجادة الصلاة وأنا أبتسم، اللهم لك الحمد على الحب الذي تمنحني إياه من قلبها، ومن قلب الذين يحبونني.. اللهم لك الحمد.. (ابتسامة من القلب.. ♥) 




 منذ يومين، أرسلت لي إحدى صديقاتي نسخة إليكترونية من دليل سياحي لـ«روما» وموقع فيه رحلات جماعية سياحية إلى إيطاليا، وأخبرتني أنه ليس هناك وقت أنسب من الذهاب إلى إيطاليا من هذا العام بعد الانكسارات والأوجاع والمرض والأطباء خاصةً وأنه بقي شهران فقط على موعد إجازتي السنوية التي لا أعرف حتى الآن كيف سأقضيها، أردتُ أن أسافر إلى مصر لكن قلبي لا يرغب في ذلك على الأقل حاليًا، لأنني اختنقت فيها وكنت أسير في الشوارع أبحث عن الهواء في شهر مارس ولا أجده، كأنه يرفض الدخول إلى رئتيّ، لقد كان الوقت الذي قضيته في وطني مؤلمًا ذلك العام، فصرت لا أملك إلا الاشتياق إليه بينما تقوم أرضه بطردي وإبعادي قسرًا.. ولا حيلة لي في ذلك.
الشيء الذي لاحظته هو أن أسعار الرحلات إلى إيطاليا مرتفعة بالنسبة لفتاة مثلي أكلت العلاجات والأدوية قدرًا كبيرًا من مدخراتها، ولكن الأمر ليس مستحيلاً ، لأنني ربما أستطيع توفير المبلغ في منتصف العام المقبل إن استمرت الأمور على ما هي عليه، وإن ظللت كما أنا دون انتكاسات أو متاعب.


اقترح علي أحد العارفين ببواطن الأمور أن أقوم بتربية هرة صغيرة أو جرو لأنشغل بها، وأقضي وقتًا طويلاً في العناية بها وتدريبها واللعب معها وتغذيتها، وقال لي أن ذلك سيفرغ قدرًا من مشاعر الألم التي بداخلي، لأن هذه الكائنات ستنتظرني وستنام عند قدمي وستحب المكوث بين ذراعي وستمنحني حبًا.. الكثير من الحب على حد قوله، وسأعتاد عليها سريعًا ثم عرض عليّ أن يهديني إحدى الهريرات التي ولدت حديثًا في بيت جيرانه، لكنني لا أملك من الطاقة ما يجعلني قادرة على العناية بأحد، لأنني بالكاد أعتني بنفسي وأقوم بواجباتي الحياتية المرهقة، أنا منهكة للغاية وفقيرة الطاقة ولا أستطيع أن أتحمل مسؤولية أي حي آخر، وأقاتل طوال اليوم في معترك الحياة الصاخب لأعود شبه زاحفة إلى فراشي كل ليلة، أنا بالفعل لا أستطيع.
منذ ثمانية شهور، كان الذين يعملون معي يشتكون من فرط طاقتي ومن قدرتي على البقاء متيقظة لفترات طويلة بينما يتعبون ويحتاجون إلى النوم، أما هذه الأيام فإنني أبذل من الجهد الكثير لأدفع نفسي للقيام بأشياء عادية، كنت أفعلها دون أن أنتبه إلى صعوبتها في الأصل.




لازالت مشكلة فقدان الشغف هي الشيء الأكبر الذي نحاول معالجته الآن، فقدت شغفي بكل شيء وممارسة الكتابة الآن هي طريقة للتعافي، لكن شعوري بالفشل يستدعي أحداثًا قديمة ترسخت في ذاكرتي وهذا يجعلي أشعر بالحزن بشكل مفرط، كأن ذكريات السوء الماضية وجدت فيّ ضعفًا فتكالبت حول روحي المشققة، ولأتغلب على هذه المشاعر يقترح الطبيب أن أقوم بعمل خطة لخمسة سنوات قادمة في حياتي لخمسة أهداف على الأقل ربما أجد شغفي المفقود بالحياة والأشياء الأخرى، لكنني لا أعرف ماذا أكتب في هذه الخطة، ولا أعرف ماذا أريد أن أفعل، كأن كل شيء انمحى  من داخلي، وحل مكانه لونًا رماديًا بلا ملامح.. ولكنني سأحاول.. سأحاول.

على الهامش:
أشكر الذين يرسلون إلي رسائل الدعم الإليكترونية، لقد وصلتني رسائل كثيرة في الفترة الماضية، أشكركم لأنكم تعوضون جزءًا جيدًا من طاقتي المفقودة، وتساعدونني برسائلكم هذه على تقليل المسافة الزمنية للمرحلة التي أعيشها الآن.. فشكرًا لكم.. الأمس واليوم ودائمًا.
شيمـــاء.