الجمعة، 21 أكتوبر 2011

في رثائهما .. منصور .. و حجازي



فقدت اليوم اثنين  .. 
أساتذة ..!!
ساهم كلاهما في تربيتي و تشكيلي دون أن يعرف بوجودي في الأساس ..!!
أنيس منصور .. هو صاحب اول كتاب مقالات قرأته في حياتي و انا في الثالثة عشرة .. كان كتاب أرواح و أشباح .. و توالت رغبتي في اقتناء كتبه فيما بعد .. 
فتح أنيس منصور أذنيه و ذراعيه عن آخرهما لترجمة متطلباتي و احتياجاتي النفسية في كتابه مذكرات شابة غاضبة .. كل شخصيات هذا الكتاب فيها قطع مني ، أنا كنت كلهن بطريقة ما ، و كانت كل البنات كلهن بطرق ساحرة أخرى .
ساعدني أنيس منصور على أن أفكر خارج الصندوق .. هذا هو أفضل ما يمكنه أن يعلمك إياه بفلسفته و جنوحه أحيانًا .. أن تفكر بشكلٍ مختلف  .. أن تحاول ان تخلق لحياتك خط يخصك .. وحدك .. و هو مدرب حقيقي بالمناسبة .. و ربما انه هو نفسه لم يدرك أنه يعلم ذلك دون أن يقصد !!
عندما كبرت ، إختلفت كثيرًا مع منصور .. فتلك مفارقة .. أن أختلف مع الذي علمني أن أفكر باختلاف ..!!
قالوا أنه شرح المرأة في عموده مواقف  كل جمعة في جمل قصيرة ، حكيمة و ساخرة و مازحة دائماً ..
رحم الله أنيس منصور .


حجازي .. 
عندما كنت طفلة .. كنت أقرأ مجلة ماجد ، حجازي و اللباد و بهجوري ..  هؤلاء الثلاثة كونوا قدرتي على التخيل ..!!
أذكر أنني كنت أبحث عن صفحات التلوين لألون ما رسم حجازي .. !!
نعم .. كنت أحب حجازي كثيراً .. لأن حجازي خطوطه واضحة و مساحات التلوين كبيرة في كل ما رسمه ، مما كان يسمح لطفلة في السادسة مثلي باللعب و التلوين دون أن تخرج عن الخط الذي رسمه للصورة .. 
و كان من السهل ان أتعلم الرسم منه ، فصرت أحاول أن أرسم مثله ، كانت شخصياته متسقة الاشكال و بسيطة ، يسهل على أي طفل أن يتعلم الرسم منه بتقليده ، أشكال سهلة ، كون بها شخصيات للقصص المصورة في المجلات  .
لقد أنقذني حجازي من توبيخ مدرسة الرسم في الصف الثاني الابتدائي لأنني كطفلة لم أكن اعرف كيف أرسم  كبقية الأطفال .. لكنني تعلمت منه  .. كنت أقلد ما يرسم حتى صرت أرسم وحدي ..!!
و عندما كبرت قليلًا .. صرت أتابع ما يرسم من كاريكاتيرات .. و أحترم أفكاره الملخصة الموضوعة في خطوط بسيطة .. و جملة واحدة او اثنتين .. و أحيانًا .. كلمتين .

و أراقب توقيعه المتميز على طرف كاريكاتيراته .. ( حجازي ) !!

و في بحثي عنه عرفت أنه طفل من 11 طفل لأبوين رقيقي الحال ، و أنه لم يحتفظ بأي من رسوماته معه ، و كان يرفض رؤيتها و هي منشورة ، كان متفانياً مخلصًا .. قنوعاً  بسيطاً لا يملك من الدنيا سوى ابتسامات وضعها على وجوه ملايين  .. و حب ناس عرفوا رسوماته و لم يعرفوه ، أنا لا أعرف شكل حجازي ..!!
لم ينشر حجازي لنفسه صورة مرسومة كما يفعل رسامو الكاريكاتير .. و لم أجد له صورة واحدة أرفقها بمقالي هذا .. لكنه ساهم في تربيتي دون أن يعرف ذلك  ..!!
رحل حجازي و بكيته كثيرًا لأنه ارتبط بجزء بريء في ذاكرتي .. أحببت حجازي كثيرًا كما أحببت اللباد ..
كتب عنه الأمير أباظة في مقاله " حجازي سيد درويش الكاريكاتير" :
" لم يكن الكاريكاتير منذ البداية هدفًا في حياة حجازي ، فقد كان هدفه دائماً البحث عن وسيلة للتعبير عن رأيه و موقفه من الحياة و الناس "
انتقد حجازي كل شيء .. !!

شكرًا أنيس منصور .. 
و شكرًا .. لصديقي من طرف واحد .. أحمد إبراهيم حجازي .
رحمهما الله رحمة واسعة .. و غفر لهما و عفا عنهما و ثبتهما .