أحيانًا أتوقف عن الكتابة لأن الأفكار ما عادت تحملني عليها ، لا أجد ما يستحق أن أكتب في ذهني ، فأكتب لنفسي دون أن يقرأ أحد ، فقط من أجل التنفيس عن أشياء ربما لا أستطيع أن أكتبها الملأ ، لأنني أكتب بنظرية الشجاعة ، حيث أنه يتطلب الكثير من الشجاعة أن تتجرد أمام الآخرين من ملابسك ، و الكتابة تعرية للذات مما ترتدي ، و لكن الناس لن تعرف أبداً أكثر مما تكشف و هنا تكمن كل الخدعة و كل المقدرة و القدرة .
الحزن أيضًا يمنعني من الكتابة ، لقد توفيت إحدى قريباتي شديدات الوحدة في شقتها دون أن يكون معها أحد ، لقد سقطت ميتة و اكتشف الجيران موتها بعد عدة أيام لانتشار رائحة كريهة بالمبنى المتواضع الذي أقامت به ، كانت هذه المرأة زاهدة ، كثيرة التصدق و الصلاة ، و كانت تأخذ على عاتقها الكثير ، و لم يكن لها أحد ، من المؤلم أن يقضي الإنسان حياته موجوعًا يخفي وجعه و مرضه في مساعدة الآخرين في التخفف من آلامهم و أحزانهم ، و يخفي حزنه الشخصي في سعادة الصغار و اليتامى و المساكين و المحوجين ، ثم تمر به الحياة إلى نهايتها و يموت وحده .
لم يكن لهذه المرأة أولاد ، و لم تتزوج أبدًا ، و لا أعرف إن كان أحدهم بكاها أكثر من الذين احتاجوا إلى دعمها و مساعدتها ، لذلك أريدكم أن تذكروها في صلواتكم و في سجودكم .. ادعوا للعمة أشجان .. غفر الله لنا و لها .
في منتصف اليوم أرسلت لي إحداهن رسالة نصية تقول :
" قرأتُ في مكانٍ ما أن لحظة حبٍ واحدة تبررُ عمرًا كاملًا من الانتظار .. فأحببتُ أن أوصل لكِ هذه الجملة .. :) "
و التفت إلى تويتر .. فوجدتُ الجميلة دلع المفتي تقول :
"يومًا ما ... ستلتقي بشخصٍ يجعلك تفهم سر انتظارك طوال تلك السنين .. "
و السؤال هو :
أحقًا بعد كل السحل الروحي و العاطفي و التعذيب النفسي الذي تعرضتُ له ، سيجد هذا الخيالي - إن أتى أو وُجِد في الأساس - شيئًا لأعطيه له ؟؟
هل ستكون لدي طاقة حقيقية تجعلني قادرة على بث الدفء فيه إن شعر بالبرد ، و بث الثقة فيه وقت شعوره بالضعف ؟؟
أم أنني يجب أن أعلن وفاتي داخليًا و أن أضع على قلبي شاهد قبر يقول : " لا تنتظر أحدًا .. فلن يأتي أحد .. ( كما تقول صديقتي لمياء محمود ) "
لا أعرف .. حقًا .. لا أعرف !!
تذكرتُ شخصًا قابلته منذ سنوات عدة كان مصابًا بالوسواس القهري ، و كان يرغب في التقدم لخطبتي بالشكل التقليدي لكننا لم نستمر لأسباب كثيرة منها أنني لم أكن له أية مشاعر و هو لم يستطع أن يهضم شخصيتي المستقلة ، كان أول ما قاله لي : " أنا باكل بمعلقة لوحدي و ليا في بيتنا معلقة لوحدي و كوباية لوحدي .. "
و لا أعرف لماذا وجدت نمفسي أضحك بشدة كلما تذكرت هذه الجملة ، وقتها كنت صغيرة ، كنت في الثالثة و العشرين تقريبًا ..
و لا أفهم كيف قبلتُ أن أستمر في الحديث معه في تلك الجلسة ، لأنني لو أن أحدًا قال لي هذا الكلام الآن ، لسمع مني من الكلام ما لم تسمعه أذنه من قبل ، لقد تغيرتُ كثيرًا .. !!
و قبل أن نختم حديث الذات ، هناك شخص ينتظر مني ردًا على تعليقٍ تركه .. و هاكم صورة التعليق ، حتى يعرف نفسه صاحبه :
بإمكانكم الضغط على الصورة لرؤية الصورة بحجمها الطبيعي ..
التعليق يقول :
أطلب من صاحبة المدونة الفاضلة حذف هذا البوست بالإضافة إلى بوست عزيزي فستق المدوّن في شهر إبريل، دون الاستفسار عن السبب. وشكراً مقدّماً.
و له أقول :
يا سيد ... أحمد - كما تطلق على نفسك و أنا و أنت نعرف أنه ليس اسمك - هذه المدونة خاصة بي ، إن كان بها ما يضرك فقط لا تمر و لا تقرأ ، و ارحم نفسك ..
أما أن تعتقد أنني سأقوم بمحو أو إلغاء موضوع ما بناءً على طلب أحد ، فإنني لن أفعل ذلك ، حتى و إن سردت لي من الأسباب مليارًا ..
فقط ارحم نفسك .. و توقف عن القراءة و المرور من هنا ، لا تضايق نفسك .. أعتذر عن تلبية طلبك !
و هذان هما الموضوعان اللذان طالب بحذفهما السيد .. ( الذي يسمي نفسه أحمد ) ..
و هذان الموضوعان بالمناسبة لا علاقة لهما ببعض .. و لا أفهم لماذا يطلب السيد ( أحمد ) حذفهما ، و لا أريد أن أعرف أسبابه .
على الهامش : ( إليه .. )
أتعلم ، تغريداتي الليلية التي أكتبها في نوبات حنيني إليك تصل إلى قلبك في شكل شعورٍ غامض فجائي بالغربة ، نعم .. هذا الشعور هو أنا.. !!
هذا الشعور الذي يخترق كل الجالسين حولك ليستقر في صدرك .. لتشعر بان شيئًا ليس صحيحًا .. !!
كل هذه المسافة لا تخلق بداخلي إلا احتياجًا لضعفك و هشاشتك التي تخفيها و قوتك التي يعلمها الجالسون حول طاولتك البيضاء !!
ما أبطأك في البحث و الإدراك .. :)
طابت ليلتك .. أيها الناظر إلى الدائرة المظلمة حول القمر الفضي !!
شيماء علي